بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ١٣٦
الملك جائك سيد قريش، الذي يطعم إنسها في الحي (1)، ووحشها في الجبل، فقال:
ائذن له، وكان عبد المطلب رجلا " جسيما " جميلا "، فلما رآه أبو يكسوم أجله أن يجلسه تحته (2)، وكره أن يجلسه معه على سريره، فنزل من سريره فجلس على الأرض، و أجلس عبد المطلب معه، ثم قال: ما حاجتك؟ قال: حاجتي مأتا بعير لي أصابتها مقدمتك، فقال أبو يكسوم: والله لقد رأيتك فأعجبتني، ثم تكلمت فزهدت فيك (3)، فقال: ولم أيها الملك؟ قال: لأني جئت إلى بيت عزكم ومنعتكم (4) من العرب، وفضلكم في الناس، وشرفكم عليهم، ودينكم الذي تعبدون، فجئت لأكسره، وأصيبت لك مأتا بعير، فسألتك عن حاجتك فكلمتني في إبلك، ولم تطلب إلي في بيتكم، فقال له عبد المطلب:
أيها الملك إنما أكلمك فيما لي (5)، ولهذا البيت رب هو يمنعه، لست أنا منه في شئ، فراع ذلك أبا يكسوم، وأمر برد إبل عبد المطلب عليه، ثم رجع وأمست ليلتهم تلك ليلة كالحة نجومها، كأنها تكلمهم كلاما " لاقترابها منهم، فأحست نفوسهم بالعذاب، وخرج دليلهم حتى دخل الحرم وتركهم، وقام الأشعريون وخثعم وكسروا رماحهم و سيوفهم، وبرءوا إلى الله أن يعينوا على هدم البيت، فباتوا كذلك بأخبث ليلة، ثم أدلجوا بسحر (6)، فبعثوا فيلهم يريدون أن يصبحوا بمكة، فوجهوه إلى مكة، فربض، فضربوه فتمرغ فلم يزالوا كذلك حتى كادوا أن يصبحوا، ثم إنهم أقبلوا على الفيل فقالوا: لك الله أن لا نوجهك إلى مكة، فانبعث فوجهوه إلى اليمن راجعا " فتوجه يهرول فعطفوه حين رأوه منطلقا حتى إذا ردوه إلى مكانه الأول ربض، فلما رأوا ذلك عادوا إلى القسم فلم يزالوا كذلك يعالجونه حتى إذا كان من طلوع الشمس طلعت عليهم الطير

(1) الحي: محلة القوم.
(2) في المصدر: أعظمه أن يجلسه تحته.
(3) أي رغبت عنك.
(4) المنعة: العز والقوة.
(5) في المصدر أنا أكلمك فيما لي.
(6) أي ساروا قريبا من السحر.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست