بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ١٣١
له وظنه سحرا "، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه، ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت؟ فقد بلغني سخاءك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك، فسلني ما شئت، وهو يرى أنه يسأله في الرجوع من مكة، فقال له عبد المطلب:
إن أصحابك غدوا (1) على سرح لي فذهبوا به فمرهم برده علي، قال: فتغيظ الحبشي من ذلك، وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك، وشرف قومك، ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل وهو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الأرض، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك، فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، وللبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم، وأولى به منهم، فقال الملك ردوا عليه سرحه، وانصرف إلى مكة (2)، وأتبعه الملك بالفيل الأعظم مع الجيش لهدم البيت، فكانوا إذا حملوه على دخول الحرم أناخ، وإذا تركوه رجع مهرولا "، فقال عبد المطلب لغلمانه: ادعوا إلي ابني، فجئ بالعباس، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا إلي ابني، فجئ بأبي طالب فقال: ليس هذا أريد، ادعوا إلي ابني فجئ بعبد الله أب النبي صلى الله عليه وآله، فلما أقبل إليه قال: اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر، فانظر أي شئ يجئ من هناك، وخبرني به، قال: فصعد عبد الله أبا قبيس فما لبث أن جاء بطير أبابيل (3) مثل السيل والليل، فسقط على أبي قبيس، ثم صار إلى البيت فطاف سبعا "، ثم صار إلى الصفا والمروة فطاف بهما سبعا "، فجاء عبد الله إلى أبيه فأخبره الخبر، فقال: انظر يا بني ما يكون من أمرها بعد فأخبرني به، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة، فأخبر عبد المطلب بذلك، فخرج عبد المطلب وهو يقول: يا أهل مكة أخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم، قال:

(1) في المجالس: عدوا.
(2) في المجالس: ردوا عليه سرحه، وازحفوا إلى البيت فانفضوه حجرا " حجرا "، فأخذ عبد المطلب سرحه، وانصرف إلى مكة.
(3) في المصدر: أن جاء طير أبابيل.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست