معها الحجارة، فجعلت ترميهم، وكل طائر في منقاره حجر، وفي رجليه حجران، وإذا رمت بتلك مضت، وطلعت أخرى، فلا يقع حجر من حجارتهم تلك على بطن إلا خرقه، ولا عظم إلا أوهاه (1) وثقبه، وثاب (2) أبو يكسوم راجعا " قد أصابته بعض الحجارة، فجعل كلما قدم أرضا " انقطع له فيها إرب (4) حتى إذا انتهى إلى اليمن لم يبق شئ إلا أباده، (3) فلما قدمها انصدع صدره، وانشق بطنه فهلك، ولم يصب من خثعم و الأشعريين أحد، قال: وكان عبد المطلب يرتجز ويدعو على الحبشة يقول:
يا رب لا أرجو لهم سواكا * يا رب فامنع منهم حماكا إن عدو البيت من عاداكا * إنهم لم يقهروا قواكا (5) قال: ولم تصب تلك الحجارة أحدا " إلا هلك، وليس كل القوم أصابت، وخرجوا هاربين، يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا، ويسألون عن نفيل ليدلهم على الطريق (4).
وقال مقاتل: السبب الذي جر أصحاب الفيل إلى مكة هو أن فئة من قريش خرجوا تجارا " إلى أرض النجاشي، فساروا حتى دنوا من ساحل البحر، وفي حقف من أحقافها بيعة للنصارى تسميها قريش الهيكل، ويسميها النجاشي وأهل أرضه ما سرخشان، فنزل القوم فجمعوا حطبا " ثم أججوا نارا " فاشتووا لحما "، فلما ارتحلوا تركوا النار كما هي في يوم عاصف فذهبت الرياح بالنار فاضطرم الهيكل نارا "، فغضب النجاشي لذلك فبعث أبرهة لهدم الكعبة.