بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ١٢٩
كن فكان، ليفدي به إسماعيل، فكل ما يذبح بمنى فهو فدية لإسماعيل إلى يوم القيامة، فهذا أحد الذبيحين، وأما الاخر فإن عبد المطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة ودعا الله عز وجل أن يرزقه عشرة بنين، ونذر لله عز وجل أن يذبح واحدا " منهم متى أجاب الله دعوته، فلما بلغوا عشرة قال: قد وفى الله تعالى لي فلافين (1) لله عز وجل فأدخل ولده الكعبة، وأسهم بينهم، فخرج سهم عبد الله أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وكان أحب ولده إليه، ثم أجالها ثانية فخرج سهم عبد الله، ثم أجالها ثالثة، فخرج سهم عبد الله فأخذه وحبسه وعزم على ذبحه، فاجتمعت قريش ومنعته من ذلك، واجتمع نساء عبد المطلب يبكين ويصحن، فقالت له ابنته عاتكة: يا أبتاه اعذر فيما بينك وبين الله عز وجل في قتل ابنك، قال: وكيف اعذر يا بنية فإنك مباركة؟ قالت: اعمد على تلك السوائم (3) التي لك في الحرم فاضرب بالقداح على ابنك وعلى الإبل واعط ربك حتى يرضى، فبعث عبد المطلب إلى إبله فأحضرها وعزل منها عشرا "، وضرب بالسهام فخرج سهم عبد الله، فما زال يزيد عشرا " عشرا " حتى بلغت مأة، فضرب فخرج السهم على الإبل، فكبرت قريش تكبيرة ارتجت لها جبال تهامة، فقال عبد المطلب: لا حتى أضرب بالقداح ثلاث مرات، فضرب ثلاثا " كل ذلك يخرج السهم على الإبل، فلما كان في الثالثة اجتذبه الزبير وأبو طالب وأخواتهما من تحت رجليه، فحملوه وقد انسلخت جلدة خده الذي كان على الأرض وأقبلوا يرفعونه ويقبلونه ويمسحون عنه التراب، وأمر عبد المطلب أن تنحر الإبل بالحزورة، ولا يمنع أحد منها، وكانت مأة، فكانت لعبد المطلب خمس من السنن أجراها الله عز وجل في الاسلام: حرم نساء الاباء على الأبناء، وسن الدية في القتل مأة من الإبل، وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط، ووجد كنزا " فأخرج منه الخمس، وسمي زمزم حين حفرها سقاية الحاج، ولولا أن عبد المطلب كان حجة (3) وأن عزمه على ذبح ابنه عبد الله شبيه بعزم إبراهيم عليه السلام على ذبح ابنه إسماعيل لما افتخر النبي صلى الله عليه وآله بالانتساب إليهما لأجل

(1) في المصدر: فلاوفين.
(2) السوائم جمع السائمة: الماشية والإبل الراعية.
(3) في نسخة من المصدر: ولولا أن عمل عبد المطلب كان حجة.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست