الحديث ما يتكلفه الانسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة، وإنما كره ذلك لما يدخله من الرياء والتصنع لما تخالطه من الكذب انتهى.
أقول: وعلى هذا يمكن أن يقرأ على بناء المعلوم أيضا بأن يكون الضميران راجعين إلى الرسول صلى الله عليه وآله.
الثالث: أن يكون المعنى أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام كما يقال: فلان يحسن صرف الكلام، أي تفضيل (1) بعضه على بعض، فأصل الصرف والتمييز ليس بحرام بل هو من الكلام، وإنما الحرام ما يصدر عن بعض الصيارفة من الغش والرباء و غيرهما.
الرابع: أن يكون ذكره عليه السلام ذلك بعد رد قول الحسن أمرا بالتقية بأن أصحاب الكهف كانوا صيارفة كلام يصرفونه عن ظاهره في مقام التقية، وعليه يمكن أن يحمل خبر الكاهلي.
تتمة: قال الثعلبي في تفسيره: قال محمد بن إسحاق: مرج (2) أهل الإنجيل و كثرت فيهم الخطايا حتى عبدوا الأصنام وذبحوا للطواغيت، وفيهم بقايا على دين المسيح عليه السلام متمسكين بعبادة الله عز وجل وتوحيده حتى ظهر فيهم ملك يقال له دقيانوس، كان ينزل قرى الروم ولا يترك في قرية ينزلها أحدا إلا فتنه أن يعبد الأصنام، ويذبح للطواغيت، حتى نزل مدينة أصحاب الكهف وهي أفسوس، فلما نزلها كبر ذلك على أهل الايمان وهربوا في كل وجه، فبعث الشرط يتبعونهم فيقدمهم إلى الجامع الذي يذبح فيه للطواغيت فيخيرهم بين القتل وبين عبادة الأصنام والذبح للطواغيت، فمنهم من يرغب في الحياة، ومنهم من يأبى أن يعبد غير الله تعالى فيقتل، فلما رأى ذلك أهل الشدة في الايمان بالله عز وجل جعلوا يسلمون أنفسهم للعذاب والقتل فيقتلون ويقطعون، ثم يربط ما قطع من أجسادهم على سور المدينة من نواحيها كلها، وعلى كل باب من أبوابها