وقال وهب: جاء حواري عيسى عليه السلام إلى مدينة أصحاب الكهف فأراد أن يدخلها فقيل له: إن على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له، فكره أن يدخلها، فأتى حماما قريبا من تلك المدينة فكان يؤاجر نفسه من الحمامي ويعمل فيه، ورأي صاحب الحمام في حمامه البركة، وجعل يقول عليه، وعلقه فتية (1) من أهل المدينة، فجعل يخبرهم خبر السماء والأرض وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه، وكانوا على مثل حاله، وكان يشترط على صاحب الحمام أن الليل لا يحول بيني وبينه أحد ولا بين الصلاة، وكان على ذلك حتى أتى ابن الملك بامرأة فدخل بها الحمام فعيره الحواري وقال له: أنت ابن الملك تدخل مع هذه؟ فاستحيى فذهب فرجع مرة أخرى فقال له مثل ذلك فسبه وانتهره ولم يلتفت حتى دخلا معا وماتا جميعا في الحمام، فأتي الملك فقيل له: قتل صاحب الحمام ابنك، فالتمس فلم يقدر عليه، فقال: من كان يصحبه؟ فسمي الفتية، فالتمسوا (2) فخرجوا من المدينة فمروا بصاحب لهم في زرع وهو على مثل إيمانهم فذكروا له أنهم التمسوا فانطلق معهم ومعه كلب حتى آواهم الليل إلى الكهف فدخلوا وقالوا: نبيت ههنا و نصبح إن شاء الله فترون رأيكم، فضرب الله على آذانهم، فخرج الملك في أصحابه يتبعونهم حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف، وكلما أراد الرجل منهم دخوله أرعب فلم يطق أحد دخوله، وقال قائل: أليس لو كنت قدرت عليهم قتلتهم؟ قال: بلى، قال: فابن عليهم باب الكهف واتركهم فيه يموتوا عطشا وجوعا، ففعل.
قال وهب: وصبروا بعد ما سد عليهم باب الكهف زمانا بعد زمان، ثم إن راعيا أدركه المطر عند الكهف فقال: لو فتحت هذا الكهف فأدخلته غنمي من المطر. فلم يزل يعالجه حتى فتح ورد الله إليهم أرواحهم من الغد حين أصبحوا.
وقال محمد بن إسحاق: ثم ملك أهل تلك البلاد رجل صالح يقال له تندوسيس، (3)