فما المسألة الرابعة؟ قالوا: اسألوه متى تقوم الساعة؟ فإن ادعى علمها فهو كاذب، فإن قيام الساعة لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك يزعم أن خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل، فإن أجابنا عنها علمنا أنه صادق، وإن لم يخبرنا (1) علمنا أنه كاذب، فقال أبو طالب: سلوه عما بدا لكم، فسألوه عن الثلاث المسائل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم: غدا أخبركم ولم يستثن (2) فاحتبس الوحي عنه (3) أربعين يوما حتى اغتم النبي وشك أصحابه الذين كانوا آمنوا به، وفرحت قريش واستهزؤوا وآذوا، وحزن أبو طالب، فلما أن كان بعد أربعين يوما (4) نزل عليه جبرئيل بسورة الكهف، فقال رسول الله: يا جبرئيل لقد أبطأت، فقال: إنا لا نقدر أن ننزل إلا بإذن الله، فأنزل: " أم حسبت " يا محمد " أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " ثم قص قصتهم، فقال: " إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ".
فقال الصادق عليه السلام: إن أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات، وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام، فمن لم يجبه قتله، وكان هؤلاء (5) قوما مؤمنين يعبدون الله عز وجل، ووكل الملك بباب المدينة حرسا ولم يدع أحدا يخرج حتى يسجد الأصنام، وخرج هؤلاء بعلة الصيد، وذلك أنهم مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم، وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب وخرج معهم، فقال الصادق عليه السلام: فلا يدخل (6) الجنة من البهائم إلا ثلاثة: حمار بلعم (7) بن باعوراء، و ذئب يوسف، وكلب أصحاب الكهف.