فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة الصيد هربا من دين ذلك الملك، فلما أمسوا دخلوا ذلك الكهف والكلب معهم، فألقى الله عليهم النعاس كما قال تبارك وتعالى:
" فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا " فناموا حتى أهلك الله ذلك الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا، فقال بعضهم لبعض: كم نمنا ههنا؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا: نمنا يوما أو بعض يوم، ثم قالوا لواحد منهم: خذ هذا الورق وادخل المدينة متنكرا لا يعرفوك فاشتر لنا طعاما، فإنهم إن علموا بنا وعرفونا قتلونا أوردونا في دينهم، فجاء ذلك الرجل فرأى المدينة بخلاف الذي عهدها، ورأي قوما بخلاف أولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته ولم يعرف لغتهم، فقالوا له: من أنت؟ ومن أين جئت؟ فأخبرهم، فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف، وأقبلوا يتطلعون فيه، فقال بعضهم: هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم، وقال بعضهم: هم خمسة وسادسهم كلبهم، وقال بعضهم: هم سبعة وثامنهم كلبهم، و حجبهم الله (1) بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم، وإنه لما دخل عليهم وجدهم خائفين أن يكونوا أصحاب دقيانوس شعروا بهم، فأخبرهم صاحبهم أنهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل، وأنهم آية للناس، فبكوا وسألوا الله تعالى أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا، ثم قال الملك: ينبغي أن نبني ههنا مسجدا و نزوره (2) فإن هؤلاء قوم مؤمنون، فلهم في كل سنة نقلتين ينامون ستة أشهر على جنوبهم اليمنى، وستة أشهر على جنوبهم اليسرى (3) والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف وذلك قوله: " نحن نقص عليك نبأهم بالحق " أي خبرهم إلى قوله: " بالوصيد " أي بالفناء " وكذلك بعثناهم " أي أنبهناهم إلى قوله: " وكذلك أعثرنا عليهم " وهم الذين ذهبوا إلى باب الكهف (4) إلى قوله: " سبعة وثامنهم كلبهم " فقال الله لنبيه صلى الله عليه وآله