مر عليها هي بيت المقدس لما خربه بخت نصر، عن وهب وقتادة والربيع وعكرمة، وقيل هي الأرض المقدسة، عن الضحاك، وقيل: هي القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت عن أبي زيد " وهي خاوية على عروشها " أي خالية، وقيل: خراب، وقيل: ساقطة على أبنيتها وسقوفها، كأن السقوف سقطت ووقع البنيان عليها " قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها " أي كيف يعمر الله هذه القرية بعد خرابها؟ وقيل: كيف يحيي الله أهلها بعدما ماتوا؟
ولم يقل ذلك إنكارا ولا تعجبا ولا ارتيابا، ولكنه أحب أن يريه الله إحياءها مشاهدة ليحصل له العلم به ضرورة " فأماته الله مائة عام ثم بعثه " أحياه " قال كم لبثت " في التفسير أنه سمع نداء من السماء: كم لبثت؟ يعني في منامك، وقيل: إن القائل له نبي، وقيل:
ملك، وقيل: بعض المعمرين ممن شاهده عند موته وإحيائه " قال لبثت يوما أو بعض يوم " لان الله تعالى أماته في أول النهار وأحياه بعد مائة سنة في آخر النهار، فقال: " يوما " ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال: " أو بعض يوم " ثم قال: " بل لبثت مائة عام " معناه بل لبثت في مكانك مائة سنة " فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه " أي لم تغيره السنون وإنما قال: " لم يتسنه " على الواحد لأنه أراد جنس الطعام والشراب، وقيل: أراد به الشراب، لأنه أقرب المذكورين إليه، وقيل: أراد عصيرا وتينا وعنبا، وهذه الثلاثة أسرع الأشياء تغيرا وفسادا، فوجد العصير حلوا، والتين والعنب كما جنيا لم يتغيرا " وانظر إلى حمارك " كيف تفرقت أجزاؤه، وتبددت عظامه، ثم انظر كيف يحييه الله، وإنما قال ذلك ليستدل بذلك على طول مماته " ولنجعلك آية للناس " فعلنا ذلك، وقيل معناه: فعلنا ذلك إجابة لك إلى ما أردت " ولنجعلك آية للناس " أي حجة للناس في البعث " وانظر إلى العظام كيف ننشرها (1) " كيف نحييها، وبالزاي كيف نرفعها من الأرض فنردها إلى أماكنها من الجسد، ونركب بعضها على بعض " ثم نكسوها " أي نلبسها " لحما " و اختلف فيه فقيل: أراد عظام حماره، وقيل: أراد عظامه، قالوا: أول ما أحيا الله منه عينه، وهو في مثل غرقئ البيض، فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه، وإلى اللحم