رأيت في المنام، فقال: وأنا أجري عليكم الأرزاق منذ كذا وكذا ولا تدرون ما رأيت في المنام؟ فأمر بهم فقتلوا، قال: فقال له بعض من كان عنده: إن كان عند أحد شئ فعند صاحب الجب، فإن اللبوة لم تتعرض له، وهي تأكل الطين وترضعه، فبعث إلى دانيال فقال: ما رأيت في المنام؟ فقال: رأيت كأن رأسك من حديد، ورجليك من نحاس، و صدرك من ذهب (1) قال: هكذا رأيت فما ذاك؟ قال: قد ذهب ملكك وأنت مقتول إلى ثلاثة أيام يقتلك رجل من ولد فارس، قال: فقال له: إن علي لسبع مدائن، على باب كل مدينة حرس، وما رضيت بذلك حتى وضعت بطة من نحاس على باب كل مدينة لا يدخل غريب إلا صاحت عليه حتى يؤخذ، قال: فقال له: إن الامر كما قلت لك، قال:
فبث الخيل وقال: لا تلقون أحدا من الخلق إلا قتلتموه كائنا من كان، وكان دانيال جالسا عنده، وقال: لا تفارقني هذه الثلاثة الأيام، فإن مضت قتلتك، (2) فلما كان في اليوم الثالث ممسيا أخذه الغم فخرج فتلقاه غلام كان اتخذه ابنا له من أهل فارس (3) وهو لا يعلم أنه من أهل فارس فدفع إليه سيفه وقال له: يا غلام لا تلقى أحدا من الخلق إلا وقتلته وإن لقيتني أنا فاقتلني، فأخذ الغلام سيفه فضرب به بخت نصر ضربة فقتله.
فخرج أرميا على حماره ومعه تين (4) قد تزوده وشئ من عصير، فنظر إلى سباع البر و سباع البحر وسباع الجو تأكل تلك الجيف (5) ففكر في نفسه ساعة ثم قال: " أنى يحيي هذه الله بعد موتها وقد أكلتهم السباع؟ (6) فأماته الله مكانه وهو قول الله تبارك وتعالى: " أو