وعرف جزعها " فناداها من تحتها " وكان أسفل منها تحت الأكمة: " أن لا تحزني " وهو قول السدي وقتادة والضحاك أن المنادي جبرئيل ناداها من سفح الجبل، وقيل: ناداها عيسى، عن مجاهد والحسن ووهب وسعيد بن جبير وابن زيد وابن جرير والجبائي. و إنما تمنت الموت كراهية لان يعصى الله فيها، وقيل: استحياء من الناس أن يظنوا بها سوءا، عن السدي، وروي عن الصادق عليه السلام: لأنها لم تر في قومها رشيدا ذا فراسة ينزهها عن السوء " قد جعل ربك تحتك سريا " أي ناداها جبرئيل أو عيسى ليزول ما عندها من الغم والجزع: لا تغتمي قد جعل ربك تحت قدميك نهرا تشربين منه وتطهرين من النفاس، عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، قالوا: وكان نهرا قد انقطع الماء عنه، فأرسل الله الماء فيه لمريم وأحيا ذلك الجذع حتى أثمر وأورق، وقيل: ضرب جبرئيل برجله فظهر ماء عذب، وقيل: بل ضرب عيسى برجله فظهر عين ماء تجري وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام، وقيل: السري: عيسى عليه السلام، عن الحسن وابن زيد والجبائي، و السري هو الرفيع الشريف، قال الحسن: كان والله عبدا سريا " وهزي إليك بجذع النخلة " معناه: اجذبي إليك، والباء مزيدة، وقال الفراء: تقول العرب: هزه وهز به " تساقط عليك رطبا جنيا " الجني بمعنى المجتنى، من جنيت الثمرة واجتنيتها: إذا قطعتها، وقال الباقر عليه السلام: لم تستشف النفساء بمثل الرطب، إن الله تعالى أطعمه مريم في نفاسها، قال: (1) إن الجذع كان يابسا لا ثمر عليه إذ لو كان عليه ثمر لهزته من غير أن تؤمر به، وكان في الشتاء فصار معجزة لخروج الرطب في غير أوانه ولخروجه دفعة واحدة، فإن العادة أن يكون نورا أولا، ثم يصير بلحا، ثم بسرا. (2) وروي أنه لم يكن للجذع رأس وضربته برجلها فأورق (3) وأثمر وانتثر عليها الرطب جنيا، والشجرة التي لا رأس لها لا تثمر في العادة.
(٢٢٦)