وثانيها. أن هارون كان أخاها لأبيها ليس من أمها، وكان معروفا بحسن الطريقة عن الكلبي.
وثالثها: أنه هارون أخو موسى عليه السلام فنسبت إليه لأنها من ولده كما يقال:
يا أخا تميم، عن السدي.
ورابعها: أنه كان رجلا فاسقا مشهورا بالعهر والفساد فنسبت إليه، وقيل لها:
يا شبيهته في قبح فعله، عن سعيد بن جبير.
" ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا " أي كان أبواك صالحين، فمن أين جئت بهذا الولد؟ " فأشارت إليه " أي فأومأت إلى عيسى بأن كلموه واستشهدوه على براءة ساحتي، فتعجبوا من ذلك ثم قالوا: " كيف نكلم من كان في المهد صبيا " معناه كيف نكلم صبيا في المهد؟ وقيل: صبيا في الحجر رضيعا؟ وكان المهد حجر أمه الذي تربيه فيه إذ لم تكن هيأت له مهدا، عن قتادة، وقيل: إنهم غضبوا عند إشارتها إليه، و قالوا: لسخريتها بنا أشد علينا من زناها، فلما تكلم عيسى عليه السلام قالوا: إن هذا الامر عظيم، عن السدي.
" قال " عيسى بن مريم: " إني عبد الله " قدم إقراره بالعبودية ليبطل به قول من يدعي له الربوبية، وكان الله سبحانه أنطقه بذلك لعلمه بما يقوله الغالون فيه، ثم قال " آتاني الكتاب وجعلني نبيا " أي حكم لي بإيتاء الكتاب والنبوة، وقيل: إن الله سبحانه أكمل عقله في صغره وأرسله إلى عباده وكان نبيا مبعوثا إلى الناس في ذلك الوقت مكلفا عاقلا، ولذلك كانت له تلك المعجزة، عن الحسن والجبائي، وقيل: إنه كلمهم وهو ابن أربعين يوما، عن وهب، وقيل: يوم ولد، عن ابن عباس وأكثر المفسرين وهو الظاهر وقيل: إن معناه إني عبد الله سيؤتيني الكتاب وسيجعلني نبيا، وكان ذلك معجزة لمريم عليها السلام على براءة ساحتها " وجعلني مباركا أينما كنت " أي وجعلني معلما للخير عن مجاهد، وقيل: نفاعا حيثما توجهت، (1) والبركة: نماء الخير، والمبارك: الذي ينمي الخير به، وقيل: ثابتا دائما على الايمان والطاعة، وأصل البركة الثبوت، عن