وقيل: إن تلك النخلة كانت برنية، (1) وقيل: كانت عجوة (2) وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام " فكلي واشربي " أي كلي يا مريم من هذا الرطب، واشربي من هذا الماء " وقري عينا " جاء في التفسير: وطيبي نفسا، وقيل: معناه: لتبرد عينك سرورا بهذا الولد الذي ترين، لان دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة، وقيل: معناه: لتسكن عينك سكون سرور برؤيتك ما تحبين " فإما ترين من البشر أحدا " فسألك عن ولدك " فقولي إني نذرت للرحمن صوما " أي صمتا، عن ابن عباس، والمعنى: أوجبت على نفسي لله أن لا أتكلم، وقيل صوما، أي إمساكا عن الطعام والشراب والكلام، عن قتادة، وإنما أمرت بالصمت ليكفيها الكلام ولدها بما يبرئ ساحتها (3) عن ابن مسعود وابن زيد ووهب، وقيل: كان في بني إسرائيل من أراد أن يجتهد صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام فلا يتكلم الصائم حتى يمسي، يدل على هذا قوله: " فلن أكلم اليوم إنسيا " أي إني صائمة فلا أكلم اليوم أحدا، وكان قد أذن لها أن تتكلم بهذا القدر ثم تسكت ولا تتكلم بشئ آخر، عن السدي، وقيل: كان الله تعالى أمرها أن تنذر لله الصمت، وإذا كلمها أحد تؤمي بأنها نذرت صمتا، لأنه لا يجوز أن يأمرها بأن تخبر بأنها نذرت ولم تنذر لان ذلك كذب عن الجبائي " فأتت به قومها تحمله " أي فأتت مريم بعيسى حاملة له، وذلك أنها لفته في خرقة وحملته إلى قومها " قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا " أي أمرا عظيما بديعا، إذ لم تلد أنثى قبلك من غير رجل، عن قتادة ومجاهد والسدي، وقيل: أمرا قبيحا منكرا من الافتراء وهو الكذب، عن الجبائي.
" يا أخت هارون " قيل فيه أقوال: أحدها أن هارون كان رجلا صالحا في بني إسرائيل ينسب إليه كل من عرف بالصلاح، عن ابن عباس وقتادة وكعب وابن زيد، والمغيرة بن شعبة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وقيل: إنه لما مات شيع جنازته أربعون ألفا كلهم يسمى هارون، فقولهم: " يا أخت هارون " معناه: يا شبيهة هارون في الصلاح ما كان هذا معروفا منك.