وقال رحمه الله في كتاب تنزيه الأنبياء: فإن قيل: ما معنى قول شعيب عليه السلام:
" إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين " الآية؟ وكيف يجوز في الصداق هذا التخيير والتفويض؟ وأي فائدة للبنت فيما شرطه هو لنفسه وليس يعود عليها (1) من ذلك نفع؟
قلنا: يجوز أن تكون الغنم كانت لشعيب عليه السلام وكانت الفائدة باستيجار من يرعيها عائدة عليه إلا أنه أراد أن يعوض بنته عن قيمة رعيها فيكون ذلك مهرا لها، فأما التخيير فلم يكن إلا فيما زاد على الثماني حجج ولم يكن فيما شرطه مقترحا تخيير وإنما كان فيما تجاوزه وتعداه.
ووجه آخر: وهو أنه يجوز أن تكون الغنم كانت للبنت وكان الأب المتولي لأمرها والقابض لصداقها، لأنه لا خلاف أن قبض الأب مهر بنته البكر البالغ جائز، وليس لاحد من الأولياء ذلك غيره، وأجمعوا على أن بنت شعيب عليه السلام كانت بكرا.
ووجه آخر: وهو أنه حذف ذكر الصداق وذكر ما شرطه لنفسه مضافا إلى الصداق لأنه جائز أن يشرط الولي لنفسه ما يخرج عن الصداق، وهذا يخالف الظاهر.
ووجه آخر: وهو أنه يجوز أن يكون من شريعته عليه السلام العقد بالتراضي من غير صداق معين، ويكون قوله: " على أن تأجرني " على غير وجه الصداق، وما تقدم من الوجوه أقوى. (2) 10 - قصص الأنبياء: بإسناده عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن البزنطي قال: سألت الرضا عليه السلام عن قوله تعالى: " إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا " أهي التي تزوج بها؟ قال: نعم، ولما قالت: " استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين " قال أبوها: كيف علمت ذلك؟ قالت: لما أتيته برسالتك فأقبل معي قال: كوني خلفي ودليني على الطريق، فكنت خلفه أرشده كراهة أن يرى مني شيئا، ولما أراد موسى الانصراف قال شعيب: ادخل البيت وخذ من تلك العصي عصا تكون معك تدرء بها (3)