وقيل للقمان: أي الناس شر؟ قال: الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا. وقيل له: ما أقبح وجهك! قال: تعيب على النقش أو على فاعل النقش؟ وقيل: إنه دخل على داود وهو يسرد الدرع (1) وقد لين الله له الحديد كالطين، فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت، فلما أتمها لبسها، وقال: نعم لبوس الحرب أنت، فقال: الصمت حكمة وقليل فاعله، فقال له داود عليه السلام: بحق ما سميت حكيما. انتهى. (2) وقال المسعودي: كان لقمان نوبيا مولى للقين بن حسر، ولد على عشر سنين من ملك داود عليه السلام، وكان عبدا صالحا، ومن الله عليه بالحكمة، ولم يزل في فيافي الأرض (3) مظهرا للحكمة والزهد في هذا العالم إلى أيام يونس بن متى، حتى بعث إلى أهل نينوى من بلاد الموصل. (4) 19 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يحيى بن عقبة الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان فيما وعظ به لقمان ابنه: يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له، وإنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل ووعدت عليه أجرا، فأوف عملك واستوف أجرك، ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت، فكان حتفها (5) عند سمنها، ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها وتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر، أخربها (6) ولا تعمرها فإنك لم تؤمر بعمارتها، واعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع: شبابك فيما أبليته، وعمرك فيما أفنيته، ومالك مما اكتسبته وفيما أنفقته فتأهب لذلك، وأعد له جوابا، ولا تأس على ما فاتك من الدنيا، فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه، وكثيرها لا يؤمن بلاؤه، فخذ حذرك، وجد في أمرك، واكشف الغطاء عن وجهك
(٤٢٥)