خلقك، يا بني إن عدمك ما تصل به قرابتك وتتفضل به على إخوانك فلا يعد منك حسن الخلق وبسط البشر، فإنه من أحسن خلقه أحبه الأخيار وجانبه الفجار، واقنع بقسم الله ليصفو عيشك، (1) فإن أردت أن تجمع عز الدنيا فاقطع طمعك مما في أيدي الناس، فإنما بلغ الأنبياء والصديقون ما بلغوا بقطع طمعهم.
وقال الصادق عليه السلام: قال لقمان عليه السلام: يا بني إن احتجت إلى سلطان فلا تكثر الالحاح عليه، ولا تطلب حاجتك منه إلا في مواضع الطلب، وذلك حين الرضى وطيب النفس، ولا تضجرن بطلب حاجة فإن قضاءها بيد الله ولها أوقات، ولكن ارغب إلى الله وسله وحرك إليه أصابعك، (2) يا بني إن الدنيا قليل وعمرك قصير، يا بني احذر الحسد فلا يكونن من شأنك، واجتنب سوء الخلق فلا يكونن من طبعك، فإنك لا تضر بهما إلا نفسك، وإذا كنت أنت الضار لنفسك كفيت عدوك أمرك، لان عداوتك لنفسك أضر عليك من عداوة غيرك، يا بني اجعل معروفك في أهله وكن فيه طالبا لثواب الله، وكن مقتصدا، ولا تمسكه تقتيرا، ولا تعطه تبذيرا.
يا بني سيد أخلاق الحكمة دين الله تعالى، ومثل الدين كمثل شجرة نابتة، فالايمان بالله ماؤها، والصلاة عروقها، والزكاة جذعها، والتأخي في الله شعبها، والأخلاق الحسنة ورقها، (3) والخروج عن معاصي الله ثمرها، ولا تكمل الشجرة إلا بثمرة طيبة، كذلك الدين لا يكمل إلا بالخروج عن المحارم، يا بني لكل شئ علامة يعرف بها وإن للدين ثلاث علامات: العفة، والعلم، والحلم. (4) 15 - قصص الأنبياء: بالاسناد المتقدم عن سليمان بن داود المنقري، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال: قال لقمان: يا بني إن أشد