بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٣١٦
أحدها أنه أراد النسيان المعروف، وليس ذلك بعجب مع قصر المدة، فإن الانسان قد ينسى ما قرب زمانه لما يعرض له من شغل القلب وغير ذلك.
والوجه الثاني أنه أراد: لا تؤاخذني بما تركت، ويجري ذلك مجرى قوله تعالى " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي (1) " أي ترك، وقد روي هذا الوجه عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال موسى: " لا تؤاخذني بما نسيت " يقول: بما تركت من عهدك.
والوجه الثالث: أنه أراد: لا تؤاخذني بما فعلته مما يشبه النسيان، فسماه نسيانا للمشابهة كما قال المؤذن لاخوة يوسف عليه السلام: " إنكم لسارقون (2) " أي إنكم تشبهون السراق، وكما يتأول الخبر الذي يرويه أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال: كذب إبراهيم ثلاث كذبات: في قوله: سارة أختي، وفي قوله: بل فعله كبيرهم هذا، وفي قوله:
إني سقيم، والمراد بذلك - إن كان هذا الخبر صحيحا (3) - أنه فعل ما ظاهره الكذب، وإذا حملنا هذه اللفظة على غير النسيان الحقيقي فلا سؤال فيها، وإذا حملناها على النسيان في الحقيقة كان الوجه فيها أن النبي إنما لا يجوز عليه النسيان فيما يؤديه (4) أو في شرعه، أو في أمر يقتضي التنفير عنه، فأما فيما هو خارج عما ذكرناه فلا مانع من النسيان، ألا ترى أنه إذا نسي أو سها في مأكله أو مشربه على وجه لا يستمر ولا يتصل فينسب إلى أنه مغفل أن ذلك غير ممتنع وأما وصف النفس بأنها زكية فقد قلنا: إن ذلك خرج مخرج الاستفهام لا على سبيل الاخبار، وإذا كان استفهاما فلا سؤال على على هذا الموضع.

(١) طه: ١١٥.
(٢) يوسف: ٧٠.
(٣) وهو ليس بصحيح، لأنه ورد من طريق أبي هريرة العامي الذي عرف بالكذب والتدليس وكم له من روايات قصد بها إرضاء معاوية وأضرابه والتقرب بها إليهم كي ينال من دنياهم وإن كان فيها سخط الرب ومنعمه. فلا يركن إلى ما كان يرويه خصوصا في أمثال هذه الرواية مما يتضمن خلاف ما عليه الامامية من عصمة الأنبياء ونزاهة ساحتهم من الزلة والسقطة ونحوها. وقد تقدم سابقا عن أئمتنا المعصومين عليهم صلوات الله أن إبراهيم عليه السلام ما كذب في قوله ذلك.
(4) في المصدر: فيما يؤديه عن الله.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435