بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٣١٥
يقع منك الصبر وإن كان (1) إنما نفى القدرة على ما ظنه الجهال لكان العالم وهو في ذلك سواء، فلا معنى لاختصاصه بنفي الاستطاعة، والذي يدل على أنه إنما نفى عنه الصبر لا الاستطاعة قول موسى عليه السلام في جوابه: " ستجدني إن شاء الله صابرا " ولم يقل: ستجدني إن شاء الله مستطيعا، ومن حق الجواب أن يطابق الابتداء، فدل جوابه على أن الاستطاعة في الابتداء هي عبارة عن الفعل نفسه.
فأما قوله: " ولا أعصي لك أمرا " فهو أيضا مشروط بالمشية وليس بمطلق على ما ذكر في السؤال، فكأنه قال: ستجدني صابرا ولا أعصي لك أمرا إن شاء الله، وإنما قدم الشرط على الامرين جميعا، وهذا ظاهر في الكلام. فأما قوله: " لقد جئت شيئا إمرا " فقد قيل: إنه أراد شيئا عجبا، (2) وقيل: إنه أراد شيئا منكرا، وقيل: إن الامر أيضا هو الداهية فكأنه قال: جئت داهية وقد ذهب بعض أهل اللغة إلى أن الامر مشتق من الكثرة من أمر القوم: إذا كثروا، وجعل عبارة عما كثر عجبه، وإذا حملت هذه اللفظة على العجب فلا سؤال فيها، وإن حملت على المنكر كان الجواب عنها وعن قوله: " لقد جئت شيئا نكرا " واحدا، وفي ذلك وجوه: منها أن ظاهر ما أتيته المنكر ومن يشاهده ينكره قبل أن يعرف علته.
ومنها: أن يكون حذف الشرط فكأنه أراد: إن كنت قتلته ظالما لقد جئت شيئا نكرا.
ومنها أنه أراد أنك أتيت أمرا بديعا غريبا، فإنهم يقولون فيما يستغربونه و يجهلون علته: إنه نكر ومنكر، وليس يمكن أن يدفع خروج الكلام مخرج الاستفهام والتقرير دون القطع، ألا ترى إلى قوله: " أخرقتها لتغرق أهلها " وإلى قوله: " أقتلت نفسا زكية بغير نفس " ومعلوم أنه إن كان قصد بخرق السفينة إلى التغريق فقد أتى منكرا، وكذلك إن كان قتل النفس على سبيل الظلم.
فأما قوله: " لا تؤاخذني بما نسيت " فقد ذكر فيه وجوه ثلاثة.

(1) في المصدر: ولو كان.
(2) في نسخة: أراد شيئا عجيبا.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435