وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما " إلى قوله: " ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ". (1) بيان: قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " وإذ قال موسى لفتاه ": أكثر المفسرين على أنه موسى بن عمران، وفتاه يوشع بن نون، وسماه فتاه لأنه صحبه ولازمه سفرا و حضرا للتعلم منه، وقيل: لأنه كان يخدمه. وقال محمد بن إسحاق: يقول أهل الكتاب:
إن موسى الذي طلب الخضر هو موسى بن ميشا بن يوسف، وكان نبيا في بني إسرائيل قبل موسى بن عمران، إلا أن الذي عليه الجمهور أنه موسى بن عمران " لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين " معناه: لا أزال أمضي وأمشي فلا أسلك طريقا آخر حتى أبلغ ملتقى البحرين: بحر فارس وبحر الروم، وقال محمد بن كعب: هو طنجة، (2) وروي عنه، إفريقية. (3) أقول: قال البيضاوي: وقيل: البحران موسى وخضر عليهما السلام: فإن موسى كان بحر علم الظاهر وخضر كان بحر علم الباطن، وقال في قوله: " أو أمضي حقبا ": أو أسير زمانا طويلا، والمعنى: حتى يقع إما بلوغ المجمع أو مضي الحقب أو حتى أبلغ إلى أن أمضي زمانا أتيقن معه فوات المجمع، والحقب: الدهر، وقيل: ثمانون سنة، وقيل:
سبعون.
وروي أن موسى خطب الناس بعد هلاك القبط ودخوله المصر خطبة بليغة (4) فأعجب بها فقيل له: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ فقال: لا، فأوحى الله إليه بلى عبدنا الخضر وهو بمجمع البحرين، وكان الخضر في أيام إفريدون، وكان على مقدمة ذي القرنين الأكبر، وبقي إلى أيام موسى، وقيل: إن موسى سأل ربه: أي عبادك أحب إليك؟
فقال: الذي يذكرني ولا ينساني، قال: فأي عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا