واشتغالها بأحدهما عن الآخر يعد من نقصان (1) " واتخذ سبيله في البحر عجبا " سبيلا عجبا وهو كونه كالسرب، أو اتخاذا عجبا، والمفعول الثاني هو الشرف، وقيل: هو مصدر فعله المضمر، أي قال يوشع في آخر كلامه أو موسى في جوابه: عجبا، تعجبا في تلك الحال وقيل: الفعل لموسى، أي اتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عجبا " قال ذلك " أي أمر الحوت " ما كنا نبغ " نطلب لأنه أمارة المطلوب " فارتدا على آثارهما " فرجعا في الطريق الذي جاءا فيه " قصصا " أي يتبعان آثارهما اتباعا، أو مقتصين حتى أتيا الصخرة " فوجدا عبدا من عبادنا " الجمهور على أنه الخضر واسمه بليا بن ملكان، (2) وقيل: اليسع وقيل: إلياس " آتيناه رحمة من عندنا " هي الوحي والنبوة " وعلمناه من لدنا علما " مما يختص بنا ولا يعلم إلا بتوفيقنا وهو علم الغيوب (3) " مما علمت رشدا " علما ذا رشد، ولا ينافي نبوته وكونه صاحب شريعة أن يتعلم من غيره ما لم يكن شرطا في أبواب الدين فإن الرسول ينبغي أن يكون أعلم ممن ارسل إليه فيما بعث به من أصول الدين وفروعه لا مطلقا " وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا " أي كيف تصبر وأنت نبي على ما أتولى من أمور ظواهرها مناكير وبواطنها لم يحط بها خبرك " حتى إذا ركبا في السفينة خرقها " أخذ الخضر فأسا فخرق السفينة بأن قلع لوحين من ألواحها " لقد جئت شيئا إمرا " أتيت أمرا عظيما (4) من أمر الامر: إذا عظم " قال لا تؤاخذني بما نسيت " بالذي نسيته أو بشئ نسيته، يعني وصيته بأن لا يعترض عليه، أو بنسياني إياها، وهو اعتذار بالنسيان أخرجه في معرض النهي عن المؤاخذة مع قيام المانع لها، وقيل: أراد بالنسيان الترك. أي لا تؤاخذني بما تركت من وصيتك أول مرة، وقيل: إنه من معاريض الكلام، والمراد شئ آخر نسيه " ولا ترهقني من أمري عسرا " ولا تغشني عسرا من أمري بالمضايقة والمؤاخذة على المنسي فإن ذلك يعسر على متابعتك " فانطلقا " أي بعدما خرجا من السفينة " حتى إذا لقيا غلاما
(٢٨٣)