من الجن والإنس والملائكة مفضلا، فلذلك صرفت إليه المال العظيم ليتنعم بالطيبات، ويتكرم بالهبات والصلات، ويتحبب بمعروفه إلى ذوي المودات، ويكبت بنفقاته ذوي العداوات.
قال الفتى: يا نبي الله كيف أحفظ هذه الأموال؟ أم كيف أحذر من عداوة من يعاديني فيها، وحسد من يحسدني لأجلها؟ قال: قل عليها من الصلاة على محمد وآله الطيبين ما كنت تقوله قبل أن تنالها، فإن الذي رزقكها بذلك القول مع صحة الاعتقاد يحفظها عليك أيضا بهذا القول مع صحة الاعتقاد، فقالها الفتى فما رامها حاسد له ليفسدها أو لص ليسرقها أو غاصب ليغصبها إلا دفعه الله عز وجل عنها بلطيفة من لطائفه حتى يمتنع من ظلمه اختيارا أو منعه منه بآفة أو داهية حتى يكفه عنه كف اضطرار. (1) قال عليه السلام: فلما قال موسى للفتى ذلك وصار الله عز وجل له بمقالته حافظا قال هذا المنظور: " اللهم إني أسألك بما سألك به هذا الفتى من الصلاة على محمد وآله الطيبين والتوسل بهم أن تبقيني في الدنيا متمتعا (2) بابنة عمي وتخزي (3) عني أعدائي و حسادي وترزقني فيها خيرا كثيرا طيبا " فأوحى الله إليه: يا موسى إن لهذا الفتى المنشور بعد القتل ستين سنة، وقد وهبت له لمسألته وتوسله بمحمد وآله الطيبين سبعين سنة تمام مائة وثلاثين سنة، صحيحة حواسه، ثابت فيها جنانه، قوية فيها شهواته، يتمتع بحلال هذه الدنيا، ويعيش ولا يفارقها ولا تفارقه، فإذا حان حينه حان حينها وماتا جميعا معا فصارا إلى جناني، فكانا زوجين فيها ناعمين، ولو سألني يا موسى هذا الشقي القاتل بمثل ما توسل به هذا الفتى على صحة اعتقاده أن أعصمه من الحسد وأقنعه بما رزقته و ذلك هو الملك العظيم لفعلت، ولو سألني بذلك مع التوبة (4) أن لا افضحه لما فضحته، و لصرفت هؤلاء عن اقتراح إبانة القاتل، ولأغنيت هذا الفتى من غير هذا الوجه بقدر هذا