يقول هؤلاء؟ وعظم عليها، (1) وسألها بالذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى إلا صدقت، فلما ناشدها تداركها الله بالتوفيق وقالت في نفسها: لئن احدث اليوم توبة أفضل من أن أوذي رسول الله، فقالت: لا، كذبوا، (2) ولكن جعل لي قارون جعلا على أن أقذفك بنفسي، فلما تكلمت بهذا الكلام سقط في يده قارون (3) ونكس رأسه وسكت الملا وعرف أنه وقع في مهلكة، وخر موسى ساجدا يبكي ويقول: يا رب إن عدوك قد آذاني وأراد فضيحتي وشيني، اللهم فإن كنت رسولك فاغضب لي وسلطني عليه، فأوحى الله سبحانه أن ارفع رأسك ومر الأرض بما شئت تطعك، فقال موسى: يا بني إسرائيل إن الله تعالى قد بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليثبت مكانه، ومن كان معي فليعتزل، فاعتزلوا قارون ولم يبق معه إلا رجلان، ثم قال موسى عليه السلام: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى كعابهم، ثم قال: يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى ركبهم، ثم قال: يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى حقوهم، ثم قال: يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم، وقارون وأصحابه (4) في كل ذلك يتضرعون إلى موسى عليه السلام ويناشده قارون الله والرحم، (5) حتى روي في بعض الأخبار أنه ناشده سبعين مرة، وموسى في جميع ذلك لا يلتفت إليه لشدة غضبه، ثم قال: يا أرض خذيهم، فانطبقت عليهم الأرض، فأوحى الله سبحانه إلى موسى: يا موسى ما أفظك! استغاثوا بك سبعين مرة فلم ترحمهم ولم تغثهم، أما وعزتي وجلالي لو إياي دعوني مرة واحدة لوجدوني قريبا مجيبا.
قال قتادة: ذكر لنا أنه يخسف به كل يوم قامة، وأنه يتجلجل فيها ولا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة، فلما خسف الله تعالى بقارون وصاحبيه أصبحت بنو إسرائيل يتناجون فيما بينهم أن موسى إنما دعا على قارون ليستبد بداره وكنوزه وأمواله، فدعا