فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم " قال الامام: قال الله عز وجل: واذكروا يا بني إسرائيل " إذ قال موسى لقومه " عبدة العجل: " يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم " أضررتم بها " باتخاذكم العجل " إلها " فتوبوا إلى بارئكم " الذي برأكم وصوركم " فاقتلوا أنفسكم " يقتل بعضكم بعضا (1) يقتل من لم يعبد العجل من عبده " ذلكم خير لكم " ذلك القتل خير لكم " عند بارئكم " من أن تعيشوا في الدنيا وهو لا يغفر لكم فيتم في الحياة الدنيا خيراتكم، (2) ويكون إلى النار مصيركم، وإذا قتلتم وأنت تائبون جعل الله عز وجل القتل كفارتكم وجعل الجنة منزلكم ومقيلكم، قال الله عز وجل: " فتاب عليكم " قبل توبتكم قبل استيفاء القتل لجماعتكم، وقبل إتيانه على مكافأتكم، (3) وأمهلكم للتوبة واستبقاكم للطاعة " إنه هو التواب الرحيم ".
قال: وذلك أن موسى عليه السلام لما أبطل الله عز وجل على يديه أمر العجل فأنطقه بالخبر عن تمويه السامري وأمر موسى عليه السلام أن يقتل من لم يعبده من عبده تبرأ أكثرهم وقالوا: لم نعبده، فقال الله عز وجل لموسى: أبرد هذا العجل بالحديد بردا، (4) ثم ذره في البحر، فمن شرب منه ماء (5) اسود شفتاه وأنفه وبان ذنبه، ففعل فبان العابدون، فأمر الله الاثني عشر ألفا أن يخرجوا على الباقين شاهرين السيوف (6) يقتلونهم، ونادى مناد: (7) ألا لعن الله أحدا اتقاهم بيد أو رجل، ولعن الله من تأمل المقتول لعله ينسبه حميما قريبا فيتعداه إلى الأجنبي، (8) فاستسلم المقتولون، فقال القاتلون: نحن أعظم مصيبة منهم، نقتل بأيدينا آباءنا وأمهاتنا وأبناءنا وإخواننا وقراباتنا ونحن لم نعبد، فقد ساوى بيننا