تشكرون تلك النعمة على أسلافكم وعليكم بعدهم. ثم قال عليه السلام: وإنما عفا الله عز وجل عنهم لأنهم دعوا الله بمحمد وآله الطيبين، وجددوا على أنفسهم الولاية لمحمد وعلي وآلهما الطاهرين، فعند ذلك رحمهم الله وعفا عنهم. ثم قال عز وجل: " وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون " قال: واذكروا إذا آتينا موسى الكتاب وهو التوراة الذي اخذ على بني إسرائيل الايمان به (1) والانقياد لما يوجبه، والفرقان آتيناه أيضا فرق ما بين الحق والباطل وفرق ما بين المحقين والمبطلين، وذلك أنه لما أكرمهم الله (2) بالكتاب والايمان به والانقياد له أوحى الله بعد ذلك إلى موسى: يا موسى هذا الكتاب قد أقروا به وقد بقي الفرقان، فرق ما بين المؤمنين والكافرين والمحقين والمبطلين، فجدد عليهم العهد به، فإني آليت على نفسي قسما حقا لا أتقبل من أحد إيمانا ولا عملا إلا مع الايمان به، قال موسى عليه السلام: ما هو يا رب؟ قال الله عز وجل: يا موسى تأخذ على بني إسرائيل أن محمدا خير البشر (3) وسيد المرسلين، وأن أخاه ووصيه عليا خير الوصيين، وأن أولياءه الذين يقيمهم سادة الخلق، وأن شيعته المنقادين له المسلمين له أوامره ونواهيه ولخلفائه نجوم الفردوس الاعلى وملوك جنات عدن، قال: فأخذ موسى عليه السلام عليهم ذلك، فمنهم من اعتقده حقا، ومنهم من أعطاه بلسانه دون قلبه، وكان المعتقد منهم حقا يلوح على جبينه نور مبين، ومن أعطى بلسانه دون قلبه ليس له ذلك النور، فذلك الفرقان الذي أعطاء الله عز وجل موسى عليه السلام وهو فرق ما بين المحقين والمبطلين. ثم قال عز وجل: " لعلكم تهتدون " أي لعلكم تعلمون أن الذي به يشرف العبد عند الله عز وجل هو اعتقاد الولاية كما شرف به أسلافكم.
ثم قال الله عز وجل: " وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم