ليدنيه إليه ويعلمه ما أوحى الله إليه، فخاف هارون أن يسبق إلى قلوبهم لسوء ظنهم مالا أصل له من عداوته، فقال إشفاقا على موسى عليه السلام: لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي لتسر ما تريده بين أيدي هؤلاء فيظنوا بك ما لا يجوز عليك. انتهى. (1) أقول: لعل الأظهر ما ذكره الصدوق رحمه الله أخيرا من كون ذلك بينهما على جهة المصلحة لتخفيف الأمة، وليعلموا شدة إنكار موسى عليهم، على أنه لو كان ذلك مما لا ينبغي من واحد منهما فهو ترك أولى، لما مر من الأدلة القاطعة على عصمتهم عليهم السلام، وعليه يحمل ما في الخبر.
15 - تفسير علي بن إبراهيم: " وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم " فإن موسى عليه السلام لما خرج إلى الميقات ورجع إلى قومه وقد عبدوا العجل قال لهم: يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم، فقالوا: فكيف نقتل أنفسنا؟ فقال لهم موسى: اغدوا كل واحد منكم إلى بيت المقدس ومعه سكين أو حديدة أو سيف فإذا صعدت أنا منبر بني إسرائيل فكونوا أنتم متلثمين لا يعرف أحد صاحبه فاقتلوا بعضكم بعضا، فاجتمعوا سبعين ألف رجل ممن كانوا عبدوا العجل إلى بيت المقدس، فلما صلى بهم موسى عليه السلام وصعد المنبر أقبل بعضهم يقتل بعضا حتى نزل جبرئيل فقال: قل لهم يا موسى: ارفعوا القتل فقد تاب الله عليكم، فقتل منهم عشرة آلاف، وأنزل الله: " ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم " وقوله: " وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " الآية، فهم السبعون الذين اختارهم موسى ليسمعوا كلام الله، فلما سمعوا الكلام قالوا: لن نؤمن لك يا موسى حتى نرى الله جهرة، فبعث الله عليهم صاعقة فاحترقوا ثم أحياهم الله بعد ذلك، وبعثهم أنبياء. (2)