بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٢٢١
الحكماء والمتماسكين؟ قلنا: ليس فيما حكاه الله تعالى من فعل موسى بأخيه ما يقتضي صدور معصية ولا قبيح من واحد منهما، وذلك أن موسى عليه السلام أقبل وهو غضبان على قومه لما أحدثوا بعده مستعظما لفعلهم، مفكرا فيما كان منهم، فأخذ برأس أخيه وجره إليه كما يفعل الانسان بنفسه مثل ذلك عند الغضب وشدة الفكر، أما ترى أن المفكر الغضبان قد يعض على شفته ويقبض على لحيته، فأجرى موسى أخاه هارون مجرى نفسه لأنه كان أخاه وشريكه ومن يمسه من الخير والشر ما يمسه، فصنع به ما يصنعه الرجل بنفسه في أحوال الفكر والضب، وهذه الأمور تختلف أحكامها بالعادات فيكون ما هو إكرام في بعضها استخفافا في غيرها وبالعكس. وأما قوله: " لا تأخذ بلحيتي " (1) فلا يمتنع أن يكون هارون عليه السلام خاف من أن يتوهم بنو إسرائيل بسوء ظنهم أنه منكر عليه، معاتب له، ثم ابتدأ بشرح قصته فقال في موضع: " إني خشيت " الآية، وفي موضع آخر:
" يا ابن أم إن القوم استضعفوني " ويمكأن يكون قوله: " لا تأخذ بلحيتي " ليس على سبيل الأنفة، (2) بل معنى كلامه: لا تغضب ولا يشتد جزعك وأسفك. وقال قوم: إن موسى عليه السلام لما رأى من أخيه مثل ما كان عليه من الجزع والقلق أخذ برأسه (3) متوجعا له مسكتا كما يفعل أحدنا بمن يناله المصيبة، (4) وعلى هذا يكون قوله: " لا تشمت بي الأعداء " كلاما مستأنفا، وأما قوله: " لا تأخذ بلحيتي " فيحتمل أن يريد: لا تفعل ذلك وغرضك التسكين مني، ويظن القوم أنك منكر علي. وقال قوم: (5) أخذ برأس أخيه

(1) في المصدر: وأما قوله: " لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " فليس يدل على أنه وقع على سبيل الاستخفاف، بل لا يمتنع اه‍.
(2) في المصدر: على سبيل الامتعاظ والأنفة. وهو غلط من الناسخ، والصحيح: الامتعاض من امتعض من الامر أي غضب منه وشق عليه.
(3) في المصدر: اخذ برأسه يجره إليه.
(4) هذا وما بعده يخالف قوله " يجره إليه ".
(5) في المصدر: قال قوم في هذه الآية: إن بني إسرائيل كانوا على نهاية سوء الظن بموسى عليه السلام، حتى أن هارون عليه السلام كان غاب عنهم غيبة فقالوا لموسى عليه السلام: أنت قتلته، فلما وعد الله تعالى موسى عليه السلام ثلاثين ليلة وأتمها له بعشر وكتب له في الألواح من كل شئ وخصه بأمور شريفة جليلة الخطر بما أراه من الآية في الجبل ومن كلام الله تعالى له وغير ذلك من شريف الأمور ثم رجع إلى أخيه أخذ برأسه ليدنيه إليه ويعلمه ما جدده الله تعالى من ذلك ويبشره فخاف هارون اه‍.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435