قال نوح: أجلتهم (1) ثلاثمائة سنة، فلما أتى عليهم ستمائة سنة ولم يؤمنوا هم أن يدعو عليهم فوافاه اثنا عشر ألف قبيل من قبائل سماء الثانية فقال نوح: من أنتم؟ قالوا نحن اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة سماء الثانية، وغلظ سماء الثانية مسيرة خمسمائة عام، ومن سماء الثانية إلى سماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وغلظ سماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، ومن السماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام، خرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك ضحوة، نسألك أن لا تدعو على قومك، فقال نوح: قد أجلتهم (2) ثلاثمائة سنة، فلما أتى عليهم تسعمائة سنة ولم يؤمنوا (3) هم أن يدعو عليهم فأنزل الله عز وجل: " إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون " فقال نوح: " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا " كفارا " " فأمره الله عز وجل أن يغرس النخل فأقبل يغرس النخل فكان قومه (4) يمرون به فيسخرون منه ويستهزؤون به ويقولون: شيخ قد أتى له تسعمائة سنة يغرس النخل، وكانوا يرمونه بالحجارة، فلما أتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه فسخروا منه، وقالوا: بلغ النخل مبلغه قطعه، إن هذا الشيخ قد خرف وبلغ منه الكبر وهو قوله:
" وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون " فأمره الله أن يتخذ (5) السفينة وأمر جبرئيل أن ينزل عليه ويعلمه كيف يتخذها، فقدر طولها في الأرض ألفا " ومائتي ذراع، (6) وعرضها ثمان مائة ذراع، وطولها في السماء ثمانون ذراعا "، (7) فقال: يا رب من يعينني على اتخاذها؟ فأوحى الله إليه:
ناد في قومك: من أعانني عليها ونجر منها شيئا " صار ما ينجره ذهبا " وفضة، فنادى نوح فيهم بذلك فأعانوه عليهم (8) وكانوا يسخرون منه ويقولون: يتخذ سفينة في البر.