إن كان كبر عليكم مقامي " أي شق وعظم عليكم إقامتي بين أظهركم " وتذكيري بآيات الله " أي بحججه وبيناته على صحة التوحيد والعدل وبطلان ما تدينون به، وفي الكلام حذف هو قوله: وعزمتم على قتلي وطردي من بين أظهركم " فأجمعوا أمركم وشركاءكم " أي فأعزموا على أمركم مع شركائكم، واتفقوا على أمر واحد من قتلي وطردي، وهذا تهديد في صورة الأمر، وقيل: معناه: اعزموا على أمركم وادعوا شركاءكم فبين عليه السلام أنه لا يرتدع عن دعائهم وعيب آلهتهم مستعينا " بالله عليهم، واثقا " بأنه سبحانه يعصمه منهم، وقيل:
أراد بالشركاء الأوثان، وقيل: من شاركهم في دينهم " ثم لا يكن أمركم عليكم غمة " أي غما " وحزنا " بأن تترددوا فيه، وقيل: معناه، ليكن أمركم ظاهرا " مكشوفا "، ولا يكون مغطى مبهما، من غممت الشئ إذا سترته، وقيل: أي لا تأتوه من غير أن تشاوروا، و من غير أن يجتمع رأيكم عليه لأن من حاول أمرا من غير أن يعلم كيف يتأتى ذلك كان أمره غمة عليه " ثم اقضوا إلي ولا تنظرون " أي انهضوا إلى فاقتلوني إن وجدتم إليه سبيلا " ولا تمهلوني، وقيل: " اقضوا إلي " افعلوا ما تريدون وادخلوا إلي لأنه بمعنى افرغوا من جميع حيلكم، كما يقال: خرجت إليه من العهدة، وقيل: معناه: توجهوا إلي، (1) وهذا كان من معجزات نوح عليه السلام لأنه كان وحيدا " مع نفر يسير وقد أخبر بأنهم لا يقدرون على قتله وعلى أن ينزلوا به سوءا لأن الله ناصره.
" فإن توليتم " أي ذهبتم عن الحق ولم تقبلوه " فما سألتكم من أجر " أي لا أطلب منكم أجرا " على ما اؤديه إليكم من الله فيثقل ذلك عليكم، أو لم يضرني لأني لم أطمع في مالكم فيفوتني ذلك بتوليكم عني وإنما يعود الضرر عليكم " وجعلناهم خلائف " أي خلفا " لمن هلك بالغرق، وقيل: إنهم كانوا ثمانين، وقيل: أي جعلناهم رؤساء في الأرض " فانظر " أيها السامع " كيف كان عاقبة المنذرين " أي المخوفين بالله وعذابه. (2) " ما نريك إلا بشرا " مثلنا " ظنا " منهم أن الرسول إنما يكون من غير جنس المرسل إليه، ولم يعلموا أن البعثة من الجنس قد يكون أصلح ومن الشبهة أبعد " بادي الرأي "