واحتج القائلون بأنها من بساتين الأرض بوجوه:
الأول: أنها لو كانت دار الخلد لما خرج آدم منها لقوله: " وما هم منها بمخرجين (1) " الثاني: أن جنة الخلد لا يفنى نعيمها لقوله تعالى: " اكلها دائم وظلها (2) " ولقوله تعالى: " وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها (3) " الآية.
وأجيب عنهما بأن عدم الخروج إنما يكون إذا استقروا فيها للثواب. وقد ذكروا وجوها اخر ذكروها في التفاسير والكتب الكلامية ولا نطيل الكلام بذكرها، وهذان الخبران وإن كانا يدلان على المذهب الأخير لكن يعارضهما ظواهر بعض الأخبار كقول أمير المؤمنين عليه السلام فيما أوردنا في الباب السابق: " ووعده المرد إلى جنته " وخبر الشامي وغيرهما مما سيأتي، فالجزم بأحد المذاهب لا يخلو من إشكال. والله تعالى يعلم.
14 - قصص الأنبياء: بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام أكان إبليس من الملائكة أم من الجن؟ قال:
كانت الملائكة ترى أنه منها، وكان الله يعلم أنه ليس منها، فلما امر بالسجود كان منه الذي كان. (4) ايضاح: اعلم أن العلماء اختلفوا في أنه هل كان إبليس من الملائكة أم لا، فذهب أكثر المتكلمين لا سيما المعتزلة وكثير من أصحابنا كالشيخ المفيد قدس سره إلى أنه لم يكن من الملائكة بل كان من الجن، قال: وقد جاءت الأخبار به متواترة عن أئمة الهدى سلام الله عليهم وهو مذهب الإمامية، وذهب جماعة من المتكلمين وكثير من فقهاء الجمهور إلى أنه منهم، واختاره شيخ الطائفة رحمه الله في التبيان قال: وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام والظاهر في تفاسيرنا، ثم اختلفت الطائفة الأخيرة فقيل: إنه كان خازنا " للجنان، وقيل: كان له سلطان سماء الدنيا وسلطان الأرض، (5) وقيل: كان يسوس ما بين السماء