الأرض لأنها تعم جميع الأرض " وأخرجت الأرض أثقالها " أي موتاها المدفونة فيها، أو كنوزها ومعادنها فتلقاها على ظهرها ليراها أهل الموقف وتكون الفائدة في ذلك أن يتحسر العصاة إذا نظروا إليها لأنهم عصوا الله فيها ثم تركوها لا تغني عنهم شيئا، وأيضا فإنه تكوي بها جباههم وجنوبهم وظهورهم " وقال الانسان مالها " أي ويقول الانسان متعجبا: ما للأرض تتزلزل، وقيل: إن المراد بالانسان الكافر لان المؤمن معترف بها لا يسأل عنها " يومئذ تحدث أخبارها " أي تخبر بما عمل عليها، وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله قال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا فهذا أخبارها، وعلى هذا فيجوز أن يكون الله تعالى يحدث الكلام فيها وإنما نسبه إليها توسعا ومجازا، ويجوز أن يقلبها حيوانا يقدر على النطق، ويجوز أن يظهر فيها ما يقوم مقام الكلام فعبر عنه بالكلام كما يقال: عيناك تشهدان بسهرك. وقوله: " بأن ربك أوحى لها " معناه أن الأرض يحدث فتقول: إن ربك يا محمد أوحى لها أي ألهمها وعرفها بأن تحدث أخبارها، وقيل: بأن تلقي الكنوز والأموات على ظهرها يقال:
أوحى له وإليه أي ألقى إليه من جهة تخفى، قال الفراء: تحدث أخبارها بوحي الله وإذنه لها، وقال ابن عباس: أذن لها بأن تخبر بما عمل عليها، وروى الواحدي بإسناده مرفوعا إلى ربيعة الحراشي (1) قال: قال رسول صلى الله عليه وآله: حافظوا على الوضوء وخير أعمالكم الصلاة وتحفظوا من الأرض فإنها أمكم، وليس فيها أحد يعمل خيرا أو شرا إلا وهي مخبرة به " يومئذ يصدر الناس أشتاتا " أي يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض متفرقين، أهل الايمان على حدة وأهل كل دين على حدة " ليروا أعمالهم " أي جزاء أعمالهم، والمعنى: أنهم يرجعون عن الموقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنة والنار، وقيل: معنى الرؤية ههنا المعرفة بالاعمال عند تلك الحال، وهي رؤية القلب،