أخرت من سنة حسنة استن بها بعده فله أجر من أتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شئ، أو سنة سيئة عمل بها بعده فعليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شئ.
" يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم " أي أي شئ غرك بخالقك وخدعك و سول لك الباطل حتى عصيته وخالفته؟ وروي أن النبي صلى الله عليه وآله لما تلا هذه الآية قال: غره جهله، وقيل للفضيل بن عياض: لو أقامك الله يوم القيامة بين يديه فقال: ما غرك بربك الكريم ماذا كنت تقول؟ قال: أقول: غرني ستورك المرخاة، وقال يحيى بن معاذ: لو أقامني الله بين يديه فقال: ما غرك بي؟ قلت: غرني بك برك بي سالفا وآنفا وعن بعضهم قال: غرني حلمك، وعن أبي بكر الوراق: غرني كرم الكريم. وإنما قال سبحانه: " الكريم " دون سائر أسمائه وصفاته لأنه كان لقنه الإجابة حتى يقول:
غرني كرم الكريم،، وقال عبد الله بن مسعود: ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة فيقول: يا بن آدم ما غرك بي؟ يا بن آدم ماذا عملت فيما عملت؟ يا بن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ " الذي خلقك " من نطفة ولم تك شيئا " فسواك " إنسانا تسمع وتبصر " فعدلك " أي جعلك معتدلا " في أي صورة ما شاء ركبك " أي في أي شبه من أب أو أم أو خال أو عم.
وروي عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لرجل: ما ولد لك؟
قال: يا رسول الله وما عسى أن يولد لي إما غلاما وإما جارية، قال: فمن يشبه؟ قال:
يشبه أمه أو أباه، فقال صلى الله عليه آله: لا تقل هكذا، إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم، أما قرأت هذه الآية: " في أي صورة ما شاء ركبك "؟
أي فيما بينك وبين آدم. وقيل: في أي صورة ما شاء من صور الخلق ركبك، إن شاء في صورة إنسان، وإن شاء في صورة حمار، وإن شاء في صورة قرد.
وقال الصادق عليه السلام: لو شاء ركبك على غير هذه الصور، وقيل: في أي صورة شاء من ذكر أو أنثى، جسيم أو نحيف، حسن أو ذميم، وطويل أو قصير. " كلا " أي ليس الامر على ما تزعمون أنه لا بعث ولا حساب " بل تكذبون بالدين " أي الجزاء أو بالدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله " وإن عليكم لحافظين " من الملائكة يحفظون عليكم