خطاب لجميع المكلفين يقول الله سبحانه لهم ولكل واحد منهم: يا أيها الانسان إنك عامل عملا في مشقة لتحمله إلى الله وتوصله إليه " فملاقيه " أي ملاق جزاءه، وقيل أي ملاق ربك " فأما من أوتي كتابه " الذي ثبتت فيه أعماله " بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا " أي لا يناقش في الحساب ولا يواقف على ما عمل من الحسنات وماله عليه من الثواب وما حط عنه من الأوزار، إما بالتوبة، أو بالعفو، وقيل: الحساب اليسير: التجاوز عن السيئات والإثابة على الحسنات، ومن نوقش الحساب عذب.
في خبر مرفوع.
وفي رواية أخرى: يعرف عمله ثم يتجاوز عنه. وفي حديث آخر ثلاث من كن فيه حاسبه الله حسابا يسيرا وأدخله الجنة برحمته، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال:
تعطي من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك " وينقلب " بعد الفراغ من الحساب " إلى أهله مسرورا " بما أوتي من الخير والكرامة، والمراد بالأهل الحور العين، وقيل: أزواجه وأولاده وعشائره وقد سبقوه إلى الجنة " وأما من أوتي كتابه وراء ظهره " لان يمينه مغلولة إلى عنقه، وتكون يده اليسرى حلف ظهره، وقيل: تخلع يده اليسرى خلف ظهره، والوجه في ذلك أن يكون إعطاء الكتاب باليمين أمارة للملائكة والمؤمنين لكون صاحبه من أهل الجنة، ولطفا للخلق في الاخبار به، وكناية عن قبول أعماله، وإعطاؤه على الوجه الآخر أمارة لهم على أن صاحبه من أهل النار، وعلامته لمناقشة الحساب وسوء المآب " فسوف يدعو ثبورا " أي هلاكا، إذا قرأ كتابه وهو أن يقول:
وا ثبوراه وا هلاكاه " ويصلى سعيرا " أي يدخل النار ويعذب بها " إنه كان في أهله مسرورا " في الدنيا ناعما لا يهمه أمر الآخرة ولا يتحمل مشقة العبادة، فأبدله الله بسروره غما باقيا لا ينقطع، وقيل: كان مسرورا بمعاصي الله لا يندم عليها " إنه ظن أن لن يحور " أي ظن في دار التكليف أنه لن يرجع إلى الحياة في الآخرة فارتكب المأثم " بلى " ليحورن وليبعثن " إن ربه كان به بصيرا " من يوم خلقه إلى أن يبعثه.
وفي قوله تعالى: " إذا زلزلت الأرض زلزالها ": أي إذا حركت الأرض تحريكا شديدا لقيام الساعة، زلزالها الذي كتب عليها، ويمكن أن يكون إنما أضافها إلى