هذا دلالة على أن أهل الآخرة غير مكلفين، خلافا لما يقوله النجار وجماعة لأنهم لو كانوا مكلفين لما كان لقولهم: أخرنا إلى أجل قريب وجه، ولكان ينبغي لهم أن يؤمنوا فيتخلصوا من العقاب إذا كانوا مكلفين " وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم و تبين لكم كيف فعلنا بهم " هذا توبيخ لهم وتعنيف أي وسكنتم ديار من كذب الرسل قبلكم فأهلكهم الله فعرفتم ما نزل بهم من البلاء والهلاك والعذاب " وضربنا لكم الأمثال " وبينا لكم الأشباه وأخبرنا كم بأحوال الماضين قبلكم لتعتبروا بها فلم تعتبروا، وقيل:
الأمثال ما ذكر في القران مما يدل على أنه تعالى قادر على الإعادة كما أنه قادر على الانشاء، وقيل: هي الأمثال المنبهة على الطاعة، الزاجرة عن المعصية " وقد مكروا مكرهم " أي بالأنبياء قبلك، وقيل: عني بهم كفار قريش الذين دبروا في أمر النبي صلى الله عليه وآله، ومكروا بالمؤمنين " وعند الله مكرهم " أي جزاء مكرهم " وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " أي أن مكرهم وإن بلغ كل مبلغ فلا يزيل دين الله " فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله " أي ما وعدهم به من النصر والظفر " إن الله عزيز " أي ممتنع بقدرته من أن ينال باهتضام " ذو انتقام " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " قيل: فيه قولان: أحدهما أن المعنى: تبدل صورة الأرض وهيئتها عن ابن عباس، فقد روي عنه أنه قال: تبدل آكامها وآجامها وجبالها وأشجارها والأرض على حالتها وتبقى أرضا بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم ولم تعمل عليها خطيئة، وتبدل السماوات فيذهب بشمسها وقمرها ونجومها، وكان ينشد:
فما الناس بالناس الذين عهدتهم * ولا الدار بالدار التي كنت أعرف ويعضده ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يبدل الله الأرض غير الأرض والسماوات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي " لا ترى فيها عوجا ولا أمتا " ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى: ما كان في بطنها كان في بطنها، وما كان على ظهرها على ظهرها.
والآخر أن المعنى: تبدل الأرض وتنشأ أرض غيرها والسماوات كذلك تبدل بغيرها وتفنى هذه، عن الجبائي وجماعة من المفسرين، وفي تفسير أهل البيت عليهم السلام