بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٦٩
" فرادى " أي وحدانا لا مال لهم ولا خول (1) ولا ولد ولا حشم، وقيل: واحدا واحدا على حدة، وقيل: كل واحد منهم منفرد من شريكه في الغي " كما خلقناكم أول مرة " أي في بطون أمهاتكم فلا ناصر لكم ولا معين، وقيل: معناه ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يحشرون حفاة عراتا غرلا (2) والغرل: هم الغلف. وروي أن عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله حين سمعت ذلك: وا سوأتاه! أينظر بعضهم إلى سوأة بعض من الرجال والنساء؟ فقال عليه السلام: لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ويشغل بعضهم عن بعض. و قال الزجاج: معناه: كما بدأناكم أول مرة أي يكون بعثكم كخلقكم " وتركتم ما خولناكم " أي ملكناكم في الدنيا " وراء ظهوركم " أي خلف ظهوركم في الدنيا " وما نرى معكم شفعائكم " أي ليس معكم من كنتم تزعمون أنهم يشفعون لكم عند الله يوم القيامة وهي الأصنام " الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء " معناه: زعمتهم أنهم شركاؤنا فيكم وشفعاؤكم، وهذا عام في كل من عبد غير الله تعالى أو اعتمد غيره يرجو خيره و يخاف ضيره في مخالفة الله تعالى " لقد تقطع بينكم " أي وصلكم وجمعكم، ومن قرأ بالنصب فمعناه: لقد تقطع الامر بينكم أو تقطع وصلكم بينكم (3) " وضل عنكم ما كنتم تزعمون " أي ضاع وتلاشى، ولا تدرون أين ذهب من جعلتم شفعاءكم من آلهتكم ولم تنفعكم عبادتها، وقيل: ما تزعمون من عدم البعث والجزاء.
وفي قوله تعالى: " إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار ": أي إنما يؤخر مجازاتهم إلى يوم القيامة وهو اليوم الذي يكون فيه الابصار شاخصة عن مواضعها، لا تغمض لهول ما ترى في ذلك اليوم ولا تطرف، وقيل تشخص أبصارهم إلى إجابة الداعي حين يدعوهم " مهطعين " أي مسرعين، وقيل: يريد دائمي النظر إلى ما يرون لا يطرفون " مقنعي رؤسهم " أي رافعي رؤوسهم إلى السماء حتى لا يرى الرجل مكان قدمه

(١) الخول جمع خولي: العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية.
(٢) الغرل: جمع الاغرل وهو الأغلف.
(٣) قال الشريف الرضى في مجازات القرآن ص ٣٧: على قراءة من قرأ برفع النون " من بينكم " وهذه استعارة لأنه لا وصال هناك على الحقيقة فتوصف بالتقطع، وإنما المراد: لقد زال ما كان بينكم من شبكة المودة وعلاقة الألفة التي تشبه لاستحكامها بالحبال المحصدة والقرائن المؤكدة.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326