وقيل: إن هذه الزلزلة قبل قيام الساعة وإنما أضافها إليها لأنها من أشراطها " شئ عظيم " أي أمر هائل لا يطاق، وقيل: إن معناه أن شدة يوم القيامة أمر صعب " يوم ترونها " أي الزلزلة أو الساعة " تذهل كل مرضعة عما أرضعت " أي تشغل عن ولدها وتنساه.
وقيل: تسلوعن ولدها (1) " وتضع كل ذات حمل حملها " أي تضع الحبالى ما في بطونهن وفي هذا دلالة على أن الزلزلة في الدنيا، قال الحسن: تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام، وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام، ومن قال: المراد به القيامة قال: إنه تهويل لأمر القيامة وشدائدها، أي لو كان ثم مرضعة لذهلت، أو حامل لوضعت " وترى الناس سكارى " من شدة الفزع " وما هم بسكارى " من الشراب " ولكن عذاب الله شديد " فمن شدته يصيبهم ما يصيبهم.
وفي قوله تعالى: " يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار ": أراد يوم القيامة تتقلب فيه أحوال القلوب والابصار وتنتقل من حال إلى حال، فتلفحها النار، (2) ثم تنضجها ثم تحرقها، وقيل: تتقلب فيه القلوب والابصار بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك، وتتقلب الابصار يمنة ويسرة من أين تؤتى كتبهم، ومن أين يؤخذ بهم، أمن قبل اليمين أم من قبل الشمال؟ وقيل: تتقلب القلوب ببلوغها الحناجر، والابصار بالعمى بعد البصر، وقيل: معناه: تنتقل القلوب من الشك إلى اليقين والايمان، والابصار عما كانت تراه غيا فتراه رشدا، فمن كان شاكا في دنياه أبصر في آخرته، ومن كان عالما ازداد بصيرة وعلما.
وفي قوله تعالى: " يقسم المجرمون ": أي يحلف المشركون " ما لبثوا في القبور غير ساعة " واحدة، عن الكلبي ومقاتل، وقيل: يحلفون ما مكثوا في الدنيا غير ساعة لاستقلالهم مدة الدنيا، وقيل: يحلفون ما لبثوا بعد انقطاع عذاب القبر غير ساعة، عن الجبائي، ومتى قيل: كيف يحلفون كاذبين مع أن معارفهم في الآخرة ضرورية؟ قيل:
فيه أقوال: أحدها: أنهم حلفوا على الظن ولم يعلموا لبثهم في القبور فكأنهم قالوا: