لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، هذا - يا إبراهيم - الحق من ربك فلا تكن من الممترين هذا من حكم الملكوت. (1) قلت: يا بن رسول الله وما حكم الملكوت؟ قال: حكم الله وحكم أنبيائه، و قصة الخضر وموسى عليهما السلام حين استصحبه فقال: " إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ".
افهم يا إبراهيم واعقل، أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله (2) حتى قال له الخضر يا موسى ما فعلته عن أمري، إنما فعلته عن أمر الله عز وجل، من هذا - ويحك يا إبراهيم - قرآن يتلى، وأخبار تؤثر عن الله عز وجل، من رد منها حرفا فقد كفر و أشرك ورد على الله عز وجل.
قال الليثي: فكأني لم أعقل الآيات - وأنا أقرؤها أربعين سنة - إلا ذلك اليوم، فقلت: يا بن رسول الله ما أعجب هذا! تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم، وتؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو، فالق الحبة، وبارئ النسمة، وفاطر الأرض والسماء، ما أخبرتك إلا بالحق: وما أتيتك إلا بالصدق، وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد، وإن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله.
قلت: هذا بعينه يوجد في القرآن؟ قال: نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن، أتحب أن أقرأ ذلك عليك؟ قلت: بلى يا بن رسول الله; فقال: قال الله عز وجل:
" وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم " الآية.
أزيدك يا إبراهيم؟ قلت: بلى يا بن رسول الله قال: ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون " أتحب أن أزيدك؟ قلت:
بلى يا بن رسول الله، قال: " فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا