أفهمت يا هشام؟ قال: فقلت زدني فقال: " إن الله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكلها غيره، يا هشام الخبز اسم للمأكول، والماء اسم للمشروب، والثوب اسم للملبوس والنار اسم للمحرق أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتفاضل أعداءنا (1) والمتخذين مع الله عز وجل غيره؟ قلت: نعم. قال: فقال: نفعك الله به وثبتك. قال هشام: فوالله ما قهرني أحد في علم التوحيد حتى قمت مقامي هذا.
التوحيد: ابن عصام، والدقاق، عن الكليني، عن علي، عن أبيه، عن النضر، عن هشام مثله.
بيان: هذا الخبر يدل على أن لفظ الجلالة مشتق، وقد سبق الكلام فيه في باب التوحيد، وقوله: الله مشتق من إله إما اسم على فعال بمعنى المفعول أي المعبود أو غيره من المعاني التي تقدم ذكرها، أو فعل بمعني عبد أو نحوه، والظاهر أنه ليس المقصود أو لا الاستدلال على المغايرة بين الاسم والمسمى، بل المعنى أن هذا اللفظ بجوهره يدل على وجود معبود يعبد. ثم بين أنه لا يجوز عبادة اللفظ بوجه، ثم استدل على المغايرة بين الاسم والمسمى. ويحتمل أن يكون استدلالا بأن هذا اللفظ يدل على معنى والدال غير المدلول بديهة، وعلى هذا يحتمل أن يكون ما يذكر بعد ذلك تحقيقا آخر لبيان ما يجب أن يقصد بالعبادة، وأن يكون تتمة لهذا الدليل تكثيرا للايراد وإيضاحا لما يلزمهم من الفساد بأن يكون المعنى أن العقل لما حكم بالمغايرة فمن توهم الاتحاد إن جعل هذه الحروف معبودا بتوهم أن الذات عينها فلم يعبد شيئا أصيلا، إذ ليس لهذه الأسماء بقاء واستمرار وجود إلا بتبعية النقوش في الألواح أو الأذهان، وإن جعل المعبود مجموع الاسم والمسمى فقد أشرك وعبد مع الله غيره، وإن عبد الذات الخالص فهو