سواه، وكذلك قولك: عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه، فإذا أفنى الله الأشياء أفني الصورة والهجاء والتقطيع فلا يزال من لم يزل عالما.
فقال الرجل: فكيف سمينا ربنا سميعا؟ فقال: لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالاسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس. وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالابصار من لون أو شخص أو غير ذلك، ولم نصفه ببصر طرفة العين (1).
وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشئ اللطيف مثل البعوضة وما هو أخفى من ذلك، و موضع المشي منها، (2) والعقل والشهوة للسفاد والحدب على أولادها، (3) وإقامة بعضها على بعض، (4) ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأودية والقفار فعلمنا بذلك أن خالقها لطيف بلا كيف إذا لكيفية للمخلوق المكيف. وكذلك سمينا ربنا قويا بلا قوة البطش المعروف من الخلق، ولو كان قوته قوة البطش المعروف من الخلق لوقع التشبيه واحتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم وما كان غير قديم كان عاجزا، فربنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضد ولا ند، ولا كيفية ولا نهاية ولا تصاريف (5) محرم على القلوب أن تحتمله، (6) وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الضمائر أن تصوره، (7) عز وجل عن أداة خلقه وسمات بريته، (8) وتعالى عن ذلك علوا كبيرا. (9)