بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢١
ابن عباس: معناه هادي من فيهما، فهم بنوره يهتدون، وإضافته إليهما للدلالة على سعة إشراقه، ولاشتمالهم على الأنوار الحسية والعقلية، وقصور الادراكات البشرية عليهما وعلى المتعلق بهما والمدلول لهما " مثل نوره " صفة نوره العجيبة الشأن، وإضافته إلى ضميره سبحانه دليل على أن إطلاقه عليه لم يكن على ظاهر " كمشكاة " كصفة مشكاة، وهي الكوة الغير النافذة " فيها مصباح " سراج ضخم ثاقب. وقيل: المشكاة " الأنبوبة في وسط القنديل، والمصباح: الفتيلة المشتعلة " المصباح في زجاجة " في قنديل من الزجاج " الزجاجة كأنها كوكب دري " مضيئ متلألئ كالزهرة في صفائه وزهرته منسوب إلى الدر، أو فعيل كبريق من الدرء، فإنه يدفع الظلام بضوئه، أو بعض ضوئه بعضا من لمعانه، إلا أنه قلب همزته ياءا، ويدل عليه قراءة حمزة وأبي بكر على الأصل، وقراءة أبي عمرو والكسائي درئ كشريب، وقد قرئ به مقلوبا " يوقد من شجرة مباركة زيتونة " أي ابتداء توقد المصباح من شجرة الزيتون المتكاثر نفعه بأن رويت زبالتها بزيتها، وفي إبهام الشجرة ووصفه بالبركة ثم إبدال الزيتونة عنها تفخيم لشأنها. وقرأ نافع وابن عامر وحفص بالياء والبناء للمفعول من أوقد، وحمزة والكسائي وأبو بكر بالتاء كذلك على إسناده إلى الزجاجة بحذف المضاف.
وقرئ توقد بمعنى تتوقد وتوقد بحذف التاء لاجتماع الزيادتين وهو غريب " لا شرقية ولا غربية " يقع الشمس عليها حينا بعد حين بل بحيث يقع عليها طول النهار كالتي تكون على قلة أو صحراء واسعة فإن ثمرتها تكون أنضج، وزيتها أصفى، أولا ثابتة في شرق المعمورة وغربها بل في وسطها وهو الشام، فإن زيتونه أجود الزيتون، أولا في مضحى (1) تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها ومقناة (2) تغيب عنها دائما فيتركها نيا. وفي الحديث:
لا خير في شجرة ولا في نبات في مقناة، ولا خير فيها في مضحى " يكاد زيتها يضيئ ولو تمسسه نار " أي يكاد يضيئ بنفسه من غير نار لتلألوئه وفرط بيضه " نور على نور " متضاعف فإن نور المصباح زاد في إنارته صفاء الزيت وزهرة القنديل، وضبط المشكاة لأشعته.

(1) أرض مضحاة: معرضة للشمس أولا يكاد تغيب عنها الشمس.
(2) المقناة والمقنوة: الموضع الذي لا تطلع عليه الشمس.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322