بعضها من بعض والله سميع عليم " لا شرقية ولا غربية " يقول: لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب، ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق، وأنتم على ملة إبراهيم صلوات الله عليه، وقد قال الله عز وجل: " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين " وقوله عز وجل: " يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء " يقول: مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يعصر من الزيتون، يكاد زيتها يضيئ، يقول: يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك. (1) أقول: سيأتي الأخبار الكثيرة في تأويل تلك الآية في كتاب الإمامة في باب أنهم أنوار الله.
تنوير: قال البيضاوي: النور في الأصل كيفية تدركها الباصرة أولا، وبواسطتها سائر المبصرات، كالكيفية الفائضة من النيرين على الاجرام الكثيفة المحاذية لهما، و هو بهذا المعني لا يصح إطلاقه على الله تعالى إلا بتقدير مضاف كقولك: زيد كرم بمعنى ذو كرم، أو على تجوز بمعنى منور السماوات والأرض - وقد قرئ به - فإنه تعالى نورها بالكواكب وما يفيض عنها من الأنوار، وبالملائكة والأنبياء، أو مدبرها من قولهم للرئيس الفائق في التدبير: نور القوم لأنهم يهتدون به في الأمور، أو موجدها فإن النور ظاهر بذاته مظهر لغيره، وأصل الظهور هو الوجود، كما أن أصل الخفاء هو العدم، والله سبحانه موجود بذاته، موجد لما عداه، أو الذي به يدرك، أو يدرك أهلها من حيث إنه يطلق على الباصرة لتعلقها به، أو لمشاركتها له في توقف الادراك عليه ثم على البصيرة لأنها أقوى إدراكا فإنها تدرك نفسها وغيرها من الكليات والجزئيات، الموجودات و المعدومات، ويغوص في بواطنها ويتصرف فيها بالتركيب والتحليل. ثم إن هذه الادراكات ليست بذاتها، وإلا لما فارقتها فهي إذن من سبب يفيضها عليها، وهو الله تعالى ابتداءا أو بتوسط من الملائكة والأنبياء، ولذلك سموا أنوارا. ويقرب منه قول