بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٠
ثم قال: وغلا هشام بن الحكم في حق علي عليه السلام حتى قال: إنه إله واجب الطاعة وهذا هشام بن الحكم صاحب غور في الأصول، لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة فان الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه، وذلك أنه ألزم العلاف فقال: إنك تقول: إن الباري تعالى عالم بعلم وعلمه ذاته فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم ويباينها في أن علمه ذاته فيكون عالما لا كالعالمين، فلم لا تقول: هو جسم لا كالأجسام؟
وصورة لا كالصور، وله قدر لا كالأقدار، إلى غير ذلك. انتهى.
أقول: فظهر أن نسبة هذين القولين إليهما إما لتخطئة رواة الشيعة وعلمائهم لبيان سفاهة آرائهم، أو أنهم لما ألزموهم في الاحتجاج أشياء إسكاتا لهم نسبوها إليهم، والأئمة عليهم السلام لم ينفوها عنهم إما للتبري عنهم إبقاءا عليهم، أو لمصالح اخر. ويمكن أن يحمل هذا الخبر على أن المراد: ليس هذا القول الذي تقول ما قال الهشامان بل قولهما مباين لذلك. ويحتمل أن يكون هذان مذهبهما قبل الرجوع إلى الأئمة عليهم السلام والاخذ بقولهم، فقد قيل: إن هشام بن الحكم كان قبل أن يلقي الصادق عليه السلام على رأي جهم بن صفوان، فلما تبعه عليه السلام تاب ورجع إلى الحق، ويؤيده ما ذكره الكراجكي في كنز الفوائد في الرد على القائلين بالجسم بمعنييه حيث قال: وأما موالاتنا هشاما رحمه الله فهي لما شاع عنه واستفاض من تركه للقول بالجسم الذي كان ينصره، ورجوعه عنه، وإقراره بخطائه فيه وتوبته منه، وذلك حين قصد الإمام جعفر بن محمد عليهما السلام إلى المدينة فحجبه، وقيل له: إنه أمرنا أن لا نوصلك إليه ما دمت قائلا بالجسم، فقال:
والله ما قلت به إلا لأني ظننت أنه وفاق لقول إمامي، فأما إذا أنكره علي فإنني تائب إلى الله منه، فأوصله الإمام عليه السلام إليه ودعا له بخير وحفظ.
4 - عن الصادق عليه السلام أنه قال لهشام: إن الله تعالى لا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ، وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه.
5 - وروي عنه أيضا أنه قال: سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو، ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير، لا يحد ولا يحس، ولا يدركه الابصار، ولا يحيط به شئ، ولا هو جسم ولا صورة ولا بذي تخطيط ولا تحديد.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309