بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢١٠
ودبرا العالم من أنفسهما، فإن كان ذلك كذلك فمن أين جاء الموت والفناء، وإن كانت الطينة ميتة فلا بقاء للميت مع الأزلي القديم والميت لا يجيئ منه حي. (1) هذه مقالة الديصانية أشد الزنادقة قولا وأهملهم مثلا، نظروا في كتب قد صنفتها أوائلهم، وحبروها (2) لهم بألفاظ مزخرفة من غير أصل ثابت، ولا حجة توجب إثبات ما ادعوا، كل ذلك خلافا على الله وعلى رسله، وتكذيبا بما جاؤوا به عن الله.
فأما من زعم أن الأبدان ظلمة والأرواح نور وأن النور لا يعمل الشر والظلمة لا تعمل الخير فلا يجب عليهم أن يلوموا أحدا على معصية، ولا ركوب حرمة، ولا إتيان فاحشة، وأن ذلك على الظلمة غير مستنكر لان ذلك فعلها، ولا له أن يدعو ربا، ولا يتضرع إليه، لان النور رب، والرب لا يتضرع إلى نفسه، ولا يستعيذ بغيره، ولا لاحد من أهل هذه المقالة أن يقول: أحسنت وأسأت، لان الإساءة من فعل الظلمة وذلك فعلها، والاحسان من النور، ولا يقول النور لنفسه: أحسنت يا محسن، وليس هناك ثالث، فكانت الظلمة على قياس قولهم أحكم فعلا وأتقن تدبيرا وأعز أركانا من النور لان الأبدان محكمة فمن صور هذا الخلق صورة واحدة على نعوت مختلفة، وكل شئ يرى ظاهرا من الظهر والأشجار والثمار والطير والدواب يجب أن يكون إلها ثم حبست النور في حبسها والدولة لها، وما ادعوا بأن العاقبة سوف تكون للنور فدعوى، وينبغي على قياس قولهم أن لا يكون للنور فعل لأنه أسير، وليس له سلطان فلا فعل له ولا تدبير، وإن كان له مع الظلمة تدبير فما هو بأسير بل هو مطلق عزيز فإن لم يكن كذلك وكان أسير الظلمة فإنه يظهر في هذا العالم إحسان وخير مع فساد وشر، فهذا يدل على أن الظلمة تحسن الخير وتفعله كما تحسن الشر وتفعله، فإن قالوا: محال ذلك فلا نور يثبت ولا ظلمة، وبطلت دعواهم ويرجع الامر إلى أن الله واحد وما سواه باطل فهذه مقالة " ماني " الزنديق وأصحابه.
وأما من قال: النور والظلمة بينهما حكم فلا بد من أن يكون أكبر الثلاثة

(1) وفي نسخة: والميت لا يحيى منه حي.
(2) أي زينوها وحسنوها بألفاظ أباطيل مموهة.
(٢١٠)
مفاتيح البحث: الظلم (2)، الموت (3)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309