وصي رسول الله صلى الله عليه وآله، ذكرها في قصة مسيره عليه السلام إلى صفين.
قال: وأقام علي عليه السلام بالأنبار يومين، فلما كان في اليوم الثالث سار بالناس في برية ملساء، فعطش الناس واحتاجوا إلى الماء، قال: وإذا براهب في صومعة، فدنى منه علي عليه السلام وصاح به، وقال: هل تعرف بالقريب منك ماء نشرب منه؟
فقال: ما أعلم ذلك وان الماء يحمل إلينا من قرب فرسخين.
قال: فركب علي عليه السلام وأقبل إلى موضع من الأرض، فطاف به، ثم أشار إلى مكان منه، وقال: احفروا هاهنا، فحفروا قليلا، فإذا هم بصخرة بيضاء كأنها طليت بالذهب، وهي على مثال الرحى لا يقلبها مائة رجل، فقال علي عليه السلام: اقلبوها فالماء من تحتها، فاجتمع الناس عليها فلم يقدروا على قلبها.
قال: فنزل علي عليه السلام عن فرسه، ثم دنى من الصخرة وحرك شفتيه بشئ لم يسمع، ثم ضرب بيده إلى الصخرة، وقال: بسم الله، ثم حركها ورفعها فرمى بها ناحية، قال: فإذا بعين من الماء لم ير الناس أعذب منها، ولا أصفى ولا أبرد من مائها، فنادى في الناس: أن هلموا إلى الماء.
قال: فورد الناس ونزلوا فشربوا وسقوا ما معهم من الظهر، وملؤوا أسقيتهم، وحملوا من الماء ما أرادوا، فلما استكفوا حمل علي عليه السلام الصخرة وهو يحرك شفتيه بمثل كلامه الأول، حتى رد الصخرة إلى موضعها.
ثم سار حتى نزل في المنزل الذي أراد، فإذا ماؤه متغير، فقال علي عليه السلام لأصحابه: أمنكم من يعرف مكان الماء الذي شربتم منه؟ فقالوا: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فانطلقوا إليه، فان الماء هاهنا عزيز، قال: فانطلق القوم إلى ذلك الموضع وطلبوا مكان الصخرة، فلم يقدروا عليه، فانطلقوا إلى الراهب فصاحوا به، فأشرف عليهم، فقالوا له: أين هذا الماء الذي بالقرب من ديرك هذا؟ فقال الراهب: ما بقربي شئ من الماء، فقالوا: بلى وقد شربنا منه، وصاحبنا هو الذي استخرج لنا الماء، قال الراهب: وقد شربتم من ذلك الماء؟ قالوا: نعم.