فأكذبهم المسلمين وأنكروا عليهم، وقالوا لعثمان بن حنيف:
ويحك! إنما تابعنا زوج النبي صلى الله عليه وآله وأم المؤمنين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وأئمة المسلمين، فتمادى في غيه وأقام على أمره، فلما رأى المسلمين أنه قد عصاهم ورد عليهم أمرهم غضبوا لله عز وجل ولأم المؤمنين، ولم نشعر به حتى أظلنا في ثلاثة آلاف من جهلة العرب وسفهائهم، وصفهم دون المسجد بالسلاح، فالتمسنا أن يبايعوا على الحق ولا يحولوا بيننا وبين المسجد، فرد علينا ذلك كله، حتى إذا كان يوم الجمعة وتفرق الناس بعد الصلاة عنه، دخل طلحة والزبير ومعهما المسلمون وفتحوه عنوة، وقدموا عبد الله بن الزبير للصلاة بالناس، وإنا نخاف من عثمان وأصحابه أن يأتونا بغتة ليصيبوا منا غرة.
فلما رأى المسلمون أنهم لا يبرحون تحرزوا لأنفسهم ولم يحرج ومن معه حتى هجموا علينا وبلغوا سدة بيتي ومعهم هاد يدلهم عليه ليسفكوا دمي، فوجدوا نفرا على باب بيتي فردوهم عني وكان حولي نفرا من القريشيين والأزديين يدفعونهم عني، فقتل منهم من قتل وانهزموا فلم نعرض لبقيتهم وخلينا ابن حنيف منا عليه، وقد توجه إلى صاحبه، وعرفناكم ذلك عباد الله لتكونوا على ما كنتم عليه من النية في نصرة دين الله والغضب للخليفة المظلوم) (1).