حوبة، وعدت نفسك التوبة، وتقولين: إن شبت (1) تبت، أو عمرت أنبت، ويرى جهلك أن الانسان، يستبعد الموت مع الشبان، وهذا جهل منك أيها النفس القرونة (2)، والأمر بالعكس يا مسكينة، لأن الموت في الشباب أكثر، وفي الشيوخ أنزر يا نفس:
ومثاله: لو عددت مشايخ بلدتك، وشيب قريتك، لكانوا أقل من عشرة رجال، وتجدين الشبان والأطفال (3) أكثر منهم على كل حال، فإلى أن يموت شيخ يموت ألف من الأطفال والشبان، والغلمان والصبيان، على أن الموت ليس له وقت مخصوص، ولا عليه آن منصوص، بعيد أو قريب، في شباب أو شيب، في شتاء أو صيف، أو ربيع أو خريف، فإذا جهلك بموتك وحب الدنيا، دعياك إلى طول الأمل واتباع الهوى.
يا نفس:
مثل أهل الدنيا واشتغالهم بأشغالها، ونسيانهم للآخرة وإهمالها، كمثل قوم ركبوا السفينة في البحر للتجارة، فعدلوا إلى جزيرة لأجل الطهارة، والملاح يناديهم: إياكم وطول المكث، ودوام اللبث، فمن اشتغل منكم بغير الوضوء والصلاة فاتته سفينة النجاة، فالعقلاء منهم لم يمكثوا، وشرعوا في الوضوء