لا بعشيرته، وذو الهمة العالية، لا يغتر بالرمة البالية، وأكرم الناس حملا وفصالا أشرفهم خصالا، وأطيبهم طينا، وأخلصهم دينا، وهل يضر النضار كونه من صلب الصخور؟ وهل يصلح التمساح نشؤه في حجور البحور؟ وأبو البغلة الهملاج (1) حمار بليد، وأصل السلسل الرجراج صخرة جليد، ولو نجى بعلو النسب ذو روح، لعصم ابن نوح بنوح.
يا نفس:
كم لله من عبد لا يعرف ربا سواه، ولا يتخذ إلهه هواه، وجهه وضي، وفعله رضي (2)، وقلبه سماوي، وجسمه أرضي، في الوجد سكران ملطخ، وفي الخوف عصفور نصب له فخ (3)، لا يذوق في العشق نومة نائم، ولا يخاف لومة لائم (4)، لا يسترزق لئام الناس، ويقنع بالخبز اليباس، إذا أثرى جعل موجوده معدوما، وإن أقوى حسب قفاره (5) مأدوما، ثوب بال، وجوف خال، ومجد عال، يرى ربوة الحق فيرتقيها، ويرمق هوة الباطل فيتقيها، لا يدعوه القوم (6) إلى أكل الجيف، ولا يبلغه النهم (7) إلى حد السرف، يأكل ليقوى على الاجتهاد وينام ليصبر على السهاد (8)، ينظر إلى طعامه من أين حصل، وكيف وصل،