رقدوا في مقابرهم فيها داخرون، وخمدوا في مصائر يفضي إليها الأولون والآخرون، فسمعا يا بني الأموات لداعي آبائكم سمعا، وقطعا لبقاء رجائكم في الدنيا قطعا، أسوة بمن كان من قبلكم من القرون من هو أشد منكم قوة وأكثر جمعا.
يا نفس:
إن قوارع (1)، الأيام خاطبة فهل أذن لعظاتها واعية؟ وإن فجائع الزبايا صائتة فهل نفس إلى التنزه عنها داعية؟ وإن طوامع الآمال كاذبة فهل قدم إلى التجنب عنها ساعية؟ فكيف تغفلين عن الاستقامة ولا بد من إدراكك؟! وكيف تغترين بالسلامة ولا ريب في هلاكك؟! فيا عجباه لمن تخرب الأيام عمره وهو يعمر دارا، ويا رحمتاه لمن يوقن بحلول الموت به وهو يلذ قرارا.
شعر:
وما الدنيا بباقية لحي * ولا حي على الدنيا بباق يا نفس:
استيقظي من غفلتك، وانتبهي من رقدتك، قبل أن يقال فلان عليل، ومدنف (2)، بخيل (3)، فهل على الدواء من دليل؟ أم هل إلى طبيب من سبيل؟ ثم