عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٤ - الصفحة ١٣٠
(224) وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " لما أسرى بي إلى السماء ودخلت الجنة رأيت في وسطها قصرا من ياقوتة حمراء، فاستفتح لي جبرئيل بابه فدخلت القصر فرأيت فيها بيتا من درة بيضاء، فدخلت البيت فرأيت في وسطه صندوقا من نور مقفل بقفل من نور. فقلت: يا جبرئيل ما هذا الصندوق؟ وما فيه؟ فقال جبرئيل: يا حبيب الله فيه سر لا يعطيه الا لمن يحب، فقلت: افتح لي بابه؟ فقال:
أنا عبد مأمور فسئل ربك حتى يأذن في فتحه، فسألت الله، فإذا النداء من قبل الله يا جبرئيل افتح له بابه، ففتحه، فرأيت فيه الفقر والمرقعة، فقلت يا سيدي ومولاي ما هذا المرقع والفقر؟ فنوديت يا محمد هذان اخترتهما لك ولامتك من الوقت الذي خلقتهما ولا أعطيهما الا لمن أحب، وما خلقت شيئا أعز منهما، ثم قال (عليه السلام):
قد اختار الله لي الفقر والمرقع، وانهما أعز شئ عنده.
فلبسها النبي (صلى الله عليه وآله) وتوجه الله بها، فلما رجع من المعراج ألبسها عليا (عليه السلام) بإذن الله وأمره، فكان يلبسها ويرقعها بيده رقعة رقعة، حتى قال: والله رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، وألبسها بعده لابنه الحسن ثم الحسين (عليهما السلام) ثم لبسها أولاد الحسين (عليهم السلام)، فلبسها واحد بعد واحد حتى اتصلت بالمهدي (عليه السلام) فهي معه مع سائر مواريث الأنبياء (عليهم السلام) " (1) (2).

(1) مع الفحص الشديد والجهد الجهيد وسير الكتب والدفاتر في الأيام والليالي وتحمل المشاق الذي لا يتحمل عادة، لم نعثر على هذا الحديث ولا على ما يشابهه في الكتب المعتمدة عند الأصحاب قدس الله أسرارهم. الا ما نقله في مناقب المرتضوي لمحمد صالح الحسيني الترمذي المتخلص بكشفي، ص 19، فإنه نقله بوجه أبسط، وفيه أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعدما رجع من المعراج عرض الخرقة على أصحابه فسأله أبا بكر وعمر وعثمان فلم يعطهم وأعطاه أمير المؤمنين (عليه السلام)).
وإن شئت فلاحظ ترجمة المؤلف والمؤلف في الذريعة، ج 22 / 334 تحت رقم (7328).
ولعله من مخترعات بعض المتصوفين ومن سفطاتهم المكذوبة. واليك ما قاله العلامة المجلسي طاب الله ثراه في بيان أمثال هذه الأساطير والأكذوبات.
قال في ج 40 / 173، باب (93) من أبواب تاريخ أمير المؤمنين (عليه السلام) وان النبي (صلى الله عليه وآله) علمه ألف باب ما هذا لفظه: (بيان: اعلم أن دأب أصحابنا رضي الله عنهم في اثبات فضائله صلوات الله عليه الاكتفاء بما نقل عن كل فرقة من الانتساب إليه (عليه السلام)، لبيان انه كان مشهورا في العلم مسلما في الفضل عند جميع الفرق، وإن لم يكن ذلك ثابتا، بل وإن كان خلافه عند الإمامية ظاهرا، كانتساب الأشعرية وأبي حنيفة وأضرابهم إليه، فان مخالفتهم له (عليه السلام) أظهر من تباين الظلمة والنور. ومن ذلك ما نقله ابن شهرآشوب رحمه الله من كلامه في الفلسفة. فان غرضه ان هؤلاء أيضا ينتمون إليه ويروون عنه، وإلا فلا يخفى على من له أدنى تتبع في كلامه (عليه السلام) ان هذا الكلام لا يشبه شيئا من غرر حكمه وأحكامه، بل لا يشبه كلام أصحاب الشريعة بوجه، وإنما أدرجت فيه مصطلحات المتأخرين، وهل رأيت في كلام أحد من الصحابة والتابعين أو بعض الأئمة الراشدين لفظ الهيولى أو الصورة أو المادة أو الاستعداد أو القوة؟.
والعجب أن بعض أهل دهرنا ممن ضل وأضل كثيرا يتمسكون في دفع ما يلزم عليهم من القول بما يخالف ضرورة الدين، إلى أمثال هذه العبارات، وهل هو ألا كمن يتعلق بنسج العنكبوت للعروج إلى أسباب السماوات؟! أو لا يعلمون ان ما يخالف ضرورة الدين ولو ورد بأسانيد جمة، لكان مؤولا أو مطروحا؟ مع أن أمثال ذلك لا ينفعهم فيما هم بصدده من تخريب قواعد الدين.
هدانا الله وإياكم إلى سلوك مسالك المتقين ونجانا وجميع المؤمنين من فتن المضلين).
(2) اعلم أنه ليس المراد بالخرقة المشهورة بين أهل التصوف، هي تلك الخرقة بعينها، بل يريدون بها الامر المعنوي، وهو عبارة عن أخذ المعنى عن صاحب المقام بقدر الاستعداد، والاتصاف بصفاته والتخلق بأخلاقه. فالخرقة هي التشبه والصحبة، واللبس هو التلقي والاخذ، ويعبر عن المعنوية بالفقر وبالصوري عن الخرقة (معه).
وكتب على هامش بعض النسخ ما لفظه:
وهذا آخر الحاشية المسطورة على بعض الأحاديث المذكورة في هذا الكتاب بحسب ما سنح للمؤلف وقت الدرس والمذاكرة من الأصحاب، كتبتها على رأس الحاشية من أول الكتاب إلى آخره والحمد لله وحده، ووافق تماما مع تمام قراءة الكتاب في اليوم السادس والعشرين من شهر شوال سنة سبع وتسعين وثمانماءة ببلدة المشهد الرضوية على ساكنها السلام والتحية على يد مؤلفها الفقير إلى الله الغفور محمد بن علي بن جمهور الأحساوي مؤلف الكتاب تجاوز الله عن سيئاته وستر عيوبه بمحمد وآله، والحمد لله رب العالمين. هذه من نسخة الأصل.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ما أنصفناهم ان وأخذناهم ولا أحببناهم ان عاقبناهم، بل نبيح... 5
2 لا يسعني ارضى ولا سمائي، بل يسعني قلب عبدي المؤمن 7
3 ان الناصبي شر من اليهودي 11
4 من صلى بغير حنك فأصابه داء لا دواء له، فلا يلو من الا نفسه 37
5 كل شئ يابس ذكي 48
6 لا يترك الميسور بالمعسور 58
7 ما لا يدرك كله لا يترك كله 58
8 تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة، وبرهة بالقياس... 64
9 اطلبوا العلم ولو بالصين 70
10 لي الواجد يحل عقوبته وعرضه 72
11 مطل الغني ظلم 72
12 الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا 73
13 علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل 77
14 خذوا العلم من أفواه الرجال 78
15 حديث فضل زيارة الرضا عليه السلام نقلا عن عايشه 82
16 من نازع عليا الخلافة بعدي فهو كافر 85
17 في ان الرضا عليه السلام قدم خراسان أكثر من مرة 94
18 خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا 98
19 قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن 99
20 من عرف نفسه فقد عرف ربه 102
21 بالعدل قامت السماوات والأرض 103
22 لا أحصى ثناء عليك 114
23 اعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك 118
24 كنت نبيا وآدم بين الماء والطين 121
25 العلم نقطة كثرها الجاهلون 129
26 اللهم أرنا الحقايق كما هي 132
27 حديث مرفوعة زرارة المشهورة 133
28 معرفة الجمع بين الأحاديث 136
29 في أقسام الحديث وسبب تكرار بعض الأحاديث في الكتاب 138
30 في نقل حديثين في فضل الذرية العلوية الحديث الأول 140
31 الحديث الثاني 142
32 مجموع الأحاديث المستودعة في الكتاب 148
33 في نقل المدارك 150
34 نظم اللئالي في ترتيب أحاديث العوالي 150