الشفيع المشفع يوم القيام، الذي جلى بنوره غياهب (1) الظلام، وآله المعصومين المطهرين من جميع القبائح والآثام.
وأصحابه الأخيار البررة الكرام، صلاة مبلغه إلى دار السلام، باقية على ممر الليالي والأيام.
وبعد: فلما كان من لطف الله تعالى، وعنايته بخلقه، بعد خلقهم. تكليفهم تعريضا لتحصيل السعادة الأبدية، وتخليصا من النقائص الحيوانية، ونجاة من مهاوي الهلكات الشهوية، استحال بدون اعلامهم بما يريد منهم، فبعث المرسلين لتبليغ معالم الاحكام، ونصب الأئمة والخلفاء بعدهم، كالاعلام، لتفصيل ما جاءت به الرسل الكرام.
ولما توقف ذلك على نقل الرواة، وتداوله في أيدي الثقات، حث عليه في الذكر المصون، وكتابه المكنون، فقال عز من قائل، " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " (2) . ولما كان تلقي الحكم والآثار، والاحكام والاخبار، عن النبي والأئمة الأطهار، طورا بالتقرير (3) والأفعال، وطورا بالاستفتاء والأقوال. وكان من بعدهم من الطبقات، من أهل العلم وذوي الرياسات، الموصوفين بالعدالة والديانات. إنما يؤخذ عنهم ما أخذوه، ويصل إلى من يقتدي بهم ما تلقفوه