ولهم، فلما أصبحوا حكى له الغلام غرضه الذي جاء لأجله وعرض عليه المال وطلب الفرس، فقال له ذلك البدوي: إنك لم تذكر لي ما جئت له ساعة وصولك لأترك لك الفرس فإنكم أمسيتم عندي وليس عندي غيرها فذبحتها لكم. ثم أحضر جلد الفرس ورأسها وقوائمها وذنبها وما بقي من لحمها، فلما رأى غلام الأمير تاج المعالي ذلك قال: إني ما جئت وأرسلني الأمير إلا لأجل الفرس وقد وصلت إلى فدونك الثمن. ودفع إليه ما كان حمله لشراء الفرس ثم رجع إلى مكة فلما سمع الأمير تاج المعالي بوصوله خرج لتلقيه فرحا بالفرص فلما رآه وسأله أخبره بما صنع الرجل، فقال له: وما صنعت بالمال الذي أرسلته معك؟ فأخبره أنه دفعه إلى صاحب الفرس فأقسم الأمير تاج المعالي أنه لو جاء بشئ منه لقتله.
ولم يلد الأمير تاج المعالي شكر إلا بنتا يقال لها تاج الملوك، قال الشيخ أبو الحسن العمرى: قال لي أبو الحسن محمد بن سعدان المعروف بابن صاحب الفتوح إنه يقال لامها بنت الصيرفي، وانقرض الأمير أبو الفتوح، بل أبوه وجده الأمير أبو جعفر محمد أيضا، وكان قد انتسب إلى الأمير شكر دعى اشتهر أمره بالحجاز والعراق، قال الشيخ أبو الحسن العمرى: كان من هذا الذي يقال له ابن سعدان يخبر بنت أبي الفتوح فوجد جارية لهم ببلد حربي ومع الجارية ولد لها لا يعرف أبوه، فأخذه منها ورباه وأدبه ثم نهض به إلى الدريزي فقال: هذا ولد الأمير شكر وسماه جعفرا. فزوده ونفقه بجملة دنانير وأنفذ معه من أوصله إلى مكة شرفها الله تعالى، فلما دخل على شكر قال له: أيها الأمير وجدت جاريتك فلانة ببلد حربي معها هذا الولد وذكرت أنه منك ولم آمن أن تكون صادقة فأنفقت عليه مالي وجئتك به، فان كانت صادقة فقد فعلت عظيما وان كانت كاذبة فما ضرك من ذلك شئ؟ فقال شكر: كذبت والله والله ما أعرفه وجزاه خيرا وجعل ما أخذه من الدريزي على الصبي وعلى من معه.
ثم إن النساء العلويات نظرن إلى الصبي وقلن لواسطته حدثنا حديثه وجعلن